قال الجامع عفا اللَّه عنه: أفادت عبارة المجد أن "نهلك" هنا بكسر اللام، وفَتْحها، فتفطّن، واللَّه تعالى أعلم.
وفي رواية يزيد بن الأصم، عن ميمونة، عن زينب بنت جحش في نحو هذا الحديث:"فُرج الليلةَ من رَدْم يأجوج ومأجوج فرجةٌ، قلت: يا رسول اللَّه أيعذبنا اللَّه، وفينا الصالحون". (وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟) كأنها أخذت ذلك من قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ}[الأنفال: ٣٣]، (قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم-: ("نَعَمْ) تهلِكون، وإن كان فيكم الصالحون، (إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ") -بفتح الخاء المعجمة، والموحّدة، ثم مثلثة- فسّروه بالزنا، وبأولاد الزنا، وبالفسوق، والفجور، وهو أَولى؛ لأنه قابَله بالصلاح، واللَّه تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث زينب بنت جحش -رضي اللَّه عنها- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [١/ ٧٢٠١ و ٧٢٠٨ و ٧٢٠٩ و ٧٢١٠](٢٨٨٠)، و (البخاريّ) في "الأنبياء"(٣٣٤٦) و"المناقب"(٣٥٩٨) و"الفتن"(٧٠٥٩ و ٧١٣٥)، و (الترمذيّ) في "الفتن"(٢١٨٧)، و (النسائيّ) في "الكبرى"(٦/ ٣٩١ و ٤٠٧)، و (ابن ماجه) في "الفتن"(٣٩٥٣)، و (عبد الرزّاق) في "مصنّفه"(٢٠٧٤٩)، و (الحميديّ) في "مسنده"(٣٠٨)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه"(١٩٠٦١)، و (أحمد) في "مسنده"(٦/ ٤٢٨)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٣٢٧ و ٦٨٣١)، و (أبو يعلى) في "مسنده"(١٣/ ٨٢)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(١٠/ ٩٣)، و (البغويّ) في "شرح السُّنَّة"(٤٢٠١)، واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان معجزة للنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حيث يُطلعه اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- بما سيكون من مغيّبات الأمور، فيقع على ما أخبر -صلى اللَّه عليه وسلم-.
٢ - (ومنها): ما قاله ابن العربيّ: أن فيه البيانَ بأن الخير يهلك بهلاك الشرير، إذا لم يغيّر عليه خبثه، وكذلك إذا غيّر عليه، لكن حيث لا يُجدي ذلك، ويصرّ الشرير على عمله السيئ، ويفشو ذلك، ويكثر حتى يعم الفساد،