للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الإسماعيليّ: "أوفى"، وهو بمعنى أشرف؛ أي: اطّلع من علو (عَلَى أُطُمٍ) بضمتين، وهو الحصن، والقَصْر، (مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم-: (هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى؟) ثمّ بيّن الذي رآه، فقال: (إِنِّي) بكسر الهمزة؛ لوقوع اللام في خبرها، كما قال في "الخلاصة":

وَبَعْدَ ذَاتِ الْكَسْرِ تَصْحَبُ الْخَبَرْ … لَامُ ابْتِدَاءٍ نَحْوُ "إِنِّي لَوَزَرْ"

(لأَرَى) يَحْتَمل أن تكون الرؤية بمعنى العلم، أو رؤية العين، بأن تكون الفِتَن مُثِّلت له حتى رآها، كما مثّلت له الجنة والنار في القبلة، حتى رآهما، وهو يصلي، وهذا الاحتمال هو الظاهر، والأقرب، واللَّه تعالى أعلم.

(مَوَاقِعَ الْفِتَنِ)؛ أي: مواضع سقوطها، (خِلَالَ بُيُوتِكُمْ)؛ أي: أوساطها، وقيل: الخلال: النواحي، (كمَوَاقِعِ الْقَطْرِ)؛ أي: المطر، شبّه سقوط الفتن، وكثرتها بسقوط القطر في الكثرة والعموم.

ووقع عند البخاريّ من رواية المستملي، والكشميهنيّ: "كوقع المطر"، والتشبيه في الكثرة والعموم، لا خصوصية لها بطائفة، وفيه إشارة إلى الحروب الجارية بينهم، كقتل عثمان -رضي اللَّه عنه-، ويوم الحرّة -بفتح الحاء المهملة، وتشديد الراء- وفيه معجزة ظاهرة للنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قاله في "العمدة" (١).

ووقع في رواية البخاريّ: "فإني لأرى الفتن تقع خلال بيوتكم كوقع القطر".

وقال في "الفتح": في رواية أبي بكر بن أبي شيبة، عن سفيان: "إني لأرى مواقع الفتن"، قال:

والمراد بمواقع الفتن: مواضع السقوط، والخلال: النواحي، قال الطيبيّ: "تقع" مفعولٌ ثان، ويَحْتَمِل أن يكون حالًا، وهو أقرب، والرؤية بمعنى النظر؛ أي: كُشف لي، فأبصرت ذلك عيانًا.

وإنما اختصت المدينة بذلك؛ لأن قَتْل عثمان -رضي اللَّه عنه- كان بها، ثم انتشرت الفتن في البلاد بعد ذلك، فالقتال بالْجَمَل، وبصِفِّين كان بسبب قتل عثمان -رضي اللَّه عنه-، والقتال بالنهروان كان بسبب التحكيم بصِفّين، وكل قتال وقع في


(١) "عمدة القاري" ٢٤/ ١٨٢.