(٤٨٠) - أخبرنا عبيد اللَّه بن سعد بن إبراهيم بن سعد، قال: حدّثني عمي، قال: حدّثنا أبي، عن محمد بن إسحاق، قال: حدّثني يزيد بن أبي حبيب، عن عراك بن مالك، قال: سمعت نوفل بن معاوية يقول: "صلاة من فاتته، فكأنما وُتر أهله وماله"، قال ابن عمر: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هي صلاة العصر". انتهى (١).
فقوله:"من" شرطيّة، جوابها:"فكأنما وُتر".
وقوله:"وتر" بالبناء للمفعول، و"أهله" بالنصب عند جمهور النحاة على أنه مفعول ثان لِوُتِرَ، وأضمر المفعول الأول نائب فاعل، وهو عائد على "من" من قوله: "من فاتته"، فالمعنى: أصيب بأهله وماله، فـ "وتر" متعد إلى مفعولين، كما في قوله تعالى:{وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ}[محمد: ٣٥]، وقيل:"وتر" هنا: نقص، فعلى هذا يجوز نصبه، ورفعه؛ لأن من رَدَّ النقصَ إلى الرجل نَصَبَ، وأضمر ما يقوم مقام الفاعل، ومن ردّه إلى الأهل رفع.
وقال القرطبي: يروى بالنصب على أن "وُتِرَ" بمعنى سُلِبَ، وهو يتعدى إلى مفعولين، وبالرفع على أن "وتر" بمعنى أخِذَ، فيكون "أهله" هو المفعول الذي لم يُسمَّ فاعله.
وحقيقة الْوَتْر، كما قال الخليل: هو الظلم في الدم، فعلى هذا فاستعماله في المال مجاز، لكن قال الجوهري: المَوتُورُ هو الذي قُتل له قتيل، فلم يدرك بدمه، تقول منه: وُتِرَ، وتقول أيضًا: وَتَرَهُ حَقَّه؛ أي: نقصه، وقيل: الموتور: من أُخذ أهله أو ماله وهو ينظر إليه، وذلك أشد لِغَمِّهِ، فوقع التشبيه بذلك لمن فاتته الصلاة؛ لأنه يجتمع عليه غَمَّانِ؛ غمّ الإثم، وغمّ فَقْد الثواب، كما يجتمع على الموتور غمّان؛ غمّ السلب، وغمّ الطلب بالثَّأر.
وقيل: معنى وتر: أُخذ أهله وماله، فصارَ وِترًا؛ أي: فردًا، ويؤيد الذي قبله رواية أبي مسلم الكجي من طريق حماد بن سلمة، عن أيوب، عن نافع، فذكر نحو هذا الحديث، وزاد في آخره:"وهو قاعد".
قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد استوفيت شرح هذا الحديث، وبيّنت ما وقع