لا يرى القتال في الفتنة بكل حال، وقد اختَلَف العلماء في قتال الفتنة، فقالت طائفة: لا يقاتِل في فِتَن المسلمين، وإن دخلوا عليه بيته، وطلبوا قتله، فلا يجوز له المدافعة عن نفسه؛ لأن الطالب متأوّل، وهذا مذهب أبي بكرة الصحابيّ -رضي اللَّه عنه- وغيره، وقال ابن عمر، وعمران بن الحصين -رضي اللَّه عنهم- وغيرهما: لا يدخل فيها، لكن إن قُصِدَ دَفَعَ عن نفسه، فهذان المذهبان متفقان على ترك الدخول في جميع فتن الإسلام، وقال معظم الصحابة، والتابعين، وعامة علماء الإسلام: يجب نصر المحقّ في الفتن، والقيام معه بمقاتلة الباغين، كما قال تعالى:{فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي} الآية [الحجرات: ٩]، وهذا هو الصحيح، وتُتأول الأحاديث على من لم يظهر له المحقّ، أو على طائفتين ظالمتين، لا تأويل لواحدة منهما، ولو كان كما قال الأولون لظهر الفساد، واستطال أهل البغي والمبطلون. انتهى (١)، واللَّه تعالى أعلم.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رَحِمَهُ اللَّهُ- أوّلَ الكتاب قال:
وقوله:(كِلَاهُمَا عَنْ عُثْمَانَ الشَّحَّامِ) ضمير التثنية لوكيع، وابن أبي عديّ.
وقوله:(حَدِيثُ ابْنِ أَبِي عَدِيٍّ) برفع "حديثُ" على الابتداء، وقوله:(نَحْوُ حَدِيثِ حَمَّادٍ) برفع "نحوُ" على أنه خبر المبتدأ، فما وقع في النُّسخ من ضبط "نحو" بالنصب ضَبْط قلم، فغلط، وما أَوّل به بعضهم من أنه منصوب بنزع الخافض، فبعيد، فتنبّه، واللَّه تعالى أعلم.