للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عوف بن قَسَي -بفتح القاف، وكسر السين المهملة- وهو ثقيف بن منبه الثقفيّ، وقيل: نفيع بن مسروح، مولى الحارث بن كلدة الطبيب المشهور، وقيل: اسمه مسروح، وأمه سمية أَمَة للحارث بن كلدة، وهو أخو زياد لأمه، وهو ممن نؤل يوم الطائف إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من حصن الطائف في بكرة، وكُني أبا بكرة، وأعتقه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو معدود في مواليه، وكان من فضلاء الصحابة، وصالحيهم، ولم يزل مجتهدًا في العبادة، حتى توفي بالبصرة سنة اثنتين وخمسين، رُوي له عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مائة حديث واثنان وثلاثون حديثًا، اتفقا على ثمانية، وانفرد البخاري بخمسة، ومسلم بحديث، روى عنه ابناه، والحسن البصريّ، والأحنف، روى له الجماعة (١).

(فَقَالَ) أبو بكرة: (أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَحْنَفُ؟ قَالَ) الأحنف: (قُلْتُ: أُرِيدُ نَصْرَ ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) وقوله: (يَعْنِي عَلِيًّا) العناية من الراوي، وهو الحسن، أو من دونه. (قَالَ) الأحنف: (فَقَالَ) أبو بكرة (لِي: يَا أَحْنَفُ ارْجِعْ) عما عزمت عليه، (فَإِنِّي) الفاء للتعليل؛ أي: إنما أمرتك بالرجوع لأني (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَقُولُ: "إِذَا تَوَاجَهَ) وفي الرواية التالية: "إذا التقى" (الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا)؛ أي: إذا ضرب كل واحد منهما وجه صاحبه؛ أي: ذاته، وجملته، (فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ") قال القاضي عياض وغيره: معناه إن جازاهما اللَّه تعالى، وعاقبهما، كما هو مذهب أهل السُّنَّة، وهو أيضًا محمول على غير المتأوِّل، كمن قاتل لعصبية أو غيرها، مما يشبهها، ويقال: معنى "القاتلُ والمقتولُ في النار" أنهما يستحقانها، وأمْرهما إلى اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-، كما هو مصرّح به في حديث عبادة -رضي اللَّه عنه-، فإن شاء عفا عنهما، وإن شاء عاقبهما، ثم أخرجهما من النار، فأدخلهما الجنة، كما ثبت في حديث أبي سعيد وغيره في العصاة الذين يخرجون من النار، فينبتون كما تنبت الْحِبّة في جانب السيل، ونظير هذا الحديث في المعنى قوله تعالى: {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء: ٩٣] معناه: هذا جزاؤه، وليس بلازم أن يُجازَى. انتهى (٢).


(١) هذه الترجمة ليس هذا الموضع هو المناسب لها، وإنما كتبتها هنا؛ لأني وجدتها في "عمدة القاري" للعينيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- فأعجبتني، فأثبتها هنا، فتنبّه.
(٢) "عمدة القاري" ١/ ٢١٢.