٥ - (ومنها): أنه ينبغي للمسلم أن لا يخوض في شأن هاتين الطائفتين، بل يُحسن الظن بكلتيهما، ومن أحسن ما نُقل عن عمر بن عبد العزيز: لما سئل عن القتال الذي جرى بين الطائفتين، قال: تلك داء طهَّر اللَّه منها سيوفنا، فلا نقذّر بها ألسنتنا، أو كما قال، رحم اللَّه عمر، ورضي عنه، ما أعظم احترامه وإعزازه لأصحاب النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهذا هو واجب كلّ مسلم تجاه الصحابة -رضي اللَّه عنهم-، فقد أخرج الشيخان عن أبي سعيد الخدريّ -رضي اللَّه عنه- قال: قال النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تسبّوا أصحابي، فلوا أن أحدكم أنفق مثل أُحد ذهبًا، ما بلغ مُدّ أحدهم، ولا نصيفه"، وأخرج الترمذيّ عن عبد اللَّه بن مغفل -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللَّهَ اللَّهَ في أصحابي، اللَّهَ اللَّهَ في أصحابي، لا تتخذوهم غرضًا بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى اللَّه، ومن آذى اللَّه فيوشك أن يأخذه"، وفي سنده ضعف، لكن يشهد له ما قبله.
وأخرج ابن عساكر في ترجمة معاوية -رضي اللَّه عنه- من طريق ابن منده، ثم من طريق أبي القاسم ابن أخي أبي زرعة الرازيّ، قال: جاء رجل إلى عمي، فقال له: إني أبغض معاوية، قال له: لم؟ قال: لأنه قاتل عليًّا بغير حقّ، فقال له أبو زرعة: رَبُّ معاوية رب رحيم، وخصم معاوية خصم كريم، فما دخولك بينهما؟.
وخلاصة الأمر: أنه يجب على المسلم صون لسانه، ويده، وقلبه عن الكلام في أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وترك الخوض في ذلك، فإن دعت حاجة إلى بيان بعض الأمور المتعلّقة بهم فليتكلّم بالتبجيل والاحترام، بقدر ما تدعو الحاجة إليه، والحذر الحذر عن تقليد بعض المنحرفين، فإنه عين الهلاك، نسأل اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أن يعصمنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، إنه رؤوف رحيم، جواد كريم، وهو الهادي إلى الصراط المستقيم.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رَحِمَهُ اللَّهُ- أوّلَ الكتاب قال: