للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ما سأله في أمته من ظهور عدوّهم عليهم، فيستبيح بيضتهم، ولو اجتمع أهل الدنيا كلهم، وهذا من عظيم فضل الله تعالى على هذه الأمة، الأمة المرحومة.

٣ - (ومنها): بيان عظمة هذا الدين، وأنه يملأ الأرض كلّها، وقد وُجد ذلك، وقد أخرج أحمد في "مسنده"، وصححه ابن حبّان من حديث المقداد بن الأسود - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر، ولا وبر، إلَّا أدخله الله كلمة الإسلام، بعِزّ عزيز، أو ذُلّ ذليل، إما يعزهم الله - عَزَّ وَجَلَّ -، فيجعلهم من أهلها، أو يُذلهم، فيدينون لها" (١).

وأخرج أيضًا، وصححه الحاكم، من حديث تميم الداريّ - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر، ولا وبر، إلَّا أدخله الله هذا الدين بعِزّ عزيز، أو بذُلّ ذليل، عزًّا يُعزّ الله به الإسلام، وذلًّا يذل الله به الكفر"، وكان تميم الداري - رضي الله عنه - يقول: قد عرفت ذلك في أهل بيتي، لقد أصاب من أسلم منهم الخير والشرف والعز، ولقد أصاب من كان منهم كافرًا الذلّ، والصغار، والجزية (٢).

٤ - (ومنها): ما قاله المظهر - رَحِمَهُ اللهُ -: (اعلم) أن لله تعالى في خلقه قضاءين: مبرمًا ومعلقًا، أما القضاء المعلّق فهو عبارة عما قدّره في الأزل معلّقًا بفعل، كما قال: إن فَعَل الشيء الفلانيّ كان كذا وكذا، وإن لَمْ يفعله فلا يكون كذا وكذا، من قبيل ما يتطرق إليه المحو والإثبات، كما قال الله تعالى في محكم كتابه: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} الآية [الرعد: ٣٩].

وأما القضاء المبرم فهو عبارة عما قدّره - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - في الأزل من غير أن يعلقه بفعل، فهو في الوقوع نافذ غاية النفاذ، بحيث لا يتغير بحال، ولا يتوقف على المقضيّ عليه، ولا المقضيّ له؛ لأنه من عِلمه بما كان وما يكون، وخلاف معلومه مستحيل قطعًا، وهذا من قبيل ما لا يتطرق إليه المحو والإثبات، قال الله تعالى: {لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} الآية [الرعد: ٤١]، فقوله: "إذا. قضيت قضاء فلا يردّ" من القبيل الثاني، ولذلك لَمْ يُجَب إليه، وفيه أن الأنبياء - عَلَيْهِم السَّلَامْ - مستجابو


(١) "مسند الإمام أحمد بن حنبل" ٦/ ٤.
(٢) "مسند الإمام أحمد بن حنبل" ٤/ ١٠٣.