للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أبي، داود، والنسائيّ حديث، وعند الترمذيّ حديث، وفي "الشمائل" له حديث، وعند ابن ماجه حديث.

شرح الحديث:

عن أبي (زَيْدٍ عَمْرِو بْنِ أَخْطَبَ) الأنصاريّ - رضي الله عنه -؛ أنه (قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْفَجْرَ)؛ أي: صلاة الفجر، (وَصَعِدَ) بكسر العين؛ أي: رقي (الْمِنْبَرَ) النبويّ، وهذا صريح في أن هذه الواقعة كانت في المسجد النبويّ. (فَخَطَبَنَا)؛ أي: وعظنا، وذكّرنا (حَتَّى حَضَرَتِ الظُّهْرُ)؛ أي: صلاتها، (فَنَزَلَ) عن المنبر (فَصَلَّى) الظهر، (ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتِ الْعَصْرُ)؛ أي: صلاتها، (ثُمَّ نَزَلَ) عن المنبر (فَصَلَّى، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَخَطَبَنَا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ) قال في "العمدة": أفاد هذا الحديث بيان المقام المذكور زمانًا، ومكانًا، وأنه كان على المنبر، من أول النهار إلى أن غابت الشمس (١).

ثم ظاهر الحديث أنه لَمْ يتخلّل بين تلك الخطب إلَّا النزول للصلاة، ثم الصعود، ويَحْتَمِل أن يكون بينها استراحات، لكن هذا الاحتمال بعيد من سياق الحديث، فلا يُلتفت إليه، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

(فَأَخْبَرَنَا بِمَا كَانَ)؛ أي: بما وقع قبل ذلك من الأمور الغيبيّات، كالوقائع التي حصلت في الأمم السابقة، (وَبِمَا هُوَ كَائِنٌ) في المستقبل إلى يوم القيامة، ففي حديث عمر - رضي الله عنه - قال: "قام فينا النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مقامًا، فأخبرنا عن بدء الخلق، حتى دخل أهل الجَنَّة منازلهم، وأهل النار منازلهم، حَفِظ ذلك من حَفِظه، ونسيه من نسيه" رواه البخاريّ، قال في "العمدة": قوله: "حتى دخل" كلمة "حتى" غاية للمبدأ، وللإخبار؛ أي: حتى أخبر عن دخول أهل الجَنَّة، والغرض أنه أخبر عن المبدأ، والمعاش، والمعاد جميعًا، وإنما قال: "دخل" بلفظ الماضي موضع المستقبل مبالغةً: للتحقق المستفاد من خبر الصادق. انتهى (٢).

(فَأَعْلَمُنَا)؛ أي: أكثر الصحابة - رضي الله عنهم - علمًا بذلك الحديث (أَحْفَظُنَا)؛ أي:


(١) "عمدة القاري" ١٥/ ١١٠.
(٢) "عمدة القاري" ١٥/ ١١٠.