للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ)؛ أنه (قَالَ: كُنْتُ وَاقِفًا مَعَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ) - رضي الله عنه - (فَقَالَ) أبيّ - رضي الله عنه -: (لَا) نافية، ولذا رُفع الفعل بعدها، (يَزَالُ النَّاسُ مُخْتَلِفَةً أَعْنَاقُهُمْ) قال القاضي عياض - رَحِمَهُ اللهُ -: المراد بالأعناق هنا: الرؤساء والكبراء، وقيل: الجماعات، من قولهم: جاءني عُنُق من الناس؛ أي: جماعة، ويَحْتَمِل أن يكون المراد الأعناق حقيقةً، وكنى باختلافها عن تطلّع أعناق، الرجال، وتشوّفها لحُطام الدنيا، ولفظ رواية الصلت بن عبد الله عند أحمد: "ألا تري، الناس مختلفة أعناقهم في طلب الدنيا"، وهو في التفسير الأخير أظهر (١).

وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وقد يكون المراد بالأعناق نفسها، وعبّر بها عن أصحابها، لا سيما وهي التي بها التطلع والتشوف للأشياء. انتهى (٢).

وقوله: (فِي طَلَبِ الدُّنْيَا) متعلّق بـ "مختلفة"، (قُلْتُ: أَجَلْ) كنَعَم وزنًا ومعنًى؛ أي: نعم مختلفة أعناقهم في طلب الدنيا. (قَالَ) أُبيّ - رضي الله عنه -: (إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: "يُوشِكُ)؛ أي: يقرُب (الْفُرَاتُ أَنْ يَحْسرَ) يَحتمل أن يكون من حسر الشيء يحسُره، من بابي نصر، وضرب: إذا كشفه، فيكون متعدّيًا، ويَحْتَمل أن يكون من حسر الشيءُ حُسُورًا إذا انكشف، والمعنى على الأول أنه لمّا انحسر ماؤه كشف ما فيه من جبل الذهب، وعلى الثاني أنه انكشف وذهب ماؤه، فانكشف، وظهو ما كان مخفيًّا به من جبل الذهب، وقوله: (عَنْ جَبَلٍ) متعلّق بـ "يحسر وقوله: (مِنْ ذَهَبٍ) بيان لـ "جبل(فَإِذَا سَمِعَ بِهِ)؛ أي: بانكشاف الجبل من النذهب، (النَّاسُ سَارُوا إِلَيْهِ)؛ أي: ذهبوا إليه؛ ليأخذوه، (فَيَقُولُ: مَنْ عِنْدَهُ)؛ أي: الناس الذين في ذلك لَمّا رأوا إقبال الناس عليه، ومجيئهم إليه، (لَئِنْ تَرَكْنَا) بفتح اللام، وهي الموطئة للقسم؛ أي: والله، لئن تركنا (النَّاسَ يَأْخُذُونَ مِنْهُ)؛ أي: هذا الذهب، (لَيُذْهَبَنَّ) بالبناء للمفعول، (بِهِ كُلِّهِ) بالجرّ تأكيد للضمير، والمعنى: أننا لو تركنا الناس المقبلين عليه لأخذوه كلّه، ولا يبقى لنا منه شيء. (قَالَ) - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فَيَقْتَتِلُونَ عَلَيْهِ) بالبناء للفاعل، (فَيُقْتَلُ) بالبناء للمفعول، (مِنْ كلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ") شخصًا.


(١) "تكملة فتح الملهم" ٦/ ٢٩٠.
(٢) "شرح النوويّ" ١٨/ ١٩ - ٢٠.