الأحق باسم السَّنَة والجدب أن يتوالى المطر، حتى تغرق الأرض، ويفسد ما عليها بكثرته، وتواليه، وإنما كان هذا أحقّ بالاسم؛ لأنه أمنع من التصرف، وأضيق للحال، وأعدم للقوت، وأسرع في الهلاك، وأسلوب هذا الحديث كأسلوب قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس"، وقوله:"ليس المسكين بالطوّاف عليكم"، إلى غير ذلك مما في بابه. انتهى.
وفي رواية حماد بن سلمة عند أحمد:"إن السَّنَة ليس بأن لا يكون فيها مطر. . . "، المراد بالسنة: القحط، ومنه تعالى:{وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ} الآية [الأعراف: ١٣٠]، وليس المراد نفي كونه سنة من حيث اللغة، ولكن المراد أن عدم إنبات الأرض بسبب عدم المطر قحط عاديّ، لا عجب فيه، وإنما العجب من قحط ينشأ من عدم إنبات الأرض بالرغم من كون السماء تمطر وتمطر، وفيه إشارة إلى أن مثل ذلك سيقع بقرب من القيامة، قاله صاحب "التكملة"(١).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: مناسبة إيراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ- لهذا الحديث هنا بين علامات الساعة إشارة إلى أن عدم إنبات الأرض مع وجود المطر من الفتن التي تكون عند قرب الساعة، واللَّه تعالى أعلم.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [١٥/ ٧٢٦٤](٢٩٠٤)، و (الشافعيّ) في "مسنده"(١/ ١٩٨)، و (أحمد) في "مسنده"(٢/ ٣٤٢ و ٣٥٨)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٩٩٥)، و (الدانيّ) في "السنن الواردة في الفتن"(٣/ ٦٨٧)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٣/ ٣٦٣)، واللَّه تعالى أعلم.