بعث إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال رسول جرير: والذي بعثك بالحقّ ما جئتك حتى تركتها كأنها جمل أجرب، قال: فبارك في خيل أحمس، ورجالها خمس مرات.
وفي رواية للبخاريّ:"وذو الخلصة طاغيةُ دوس التي كانوا يعبدون".
وقوله:(بِتَبَالَةَ) -بفتح المثناة، وتخفيف الموحّدة، وبعد الألف لام، ثم هاء تأنيث- قرية بين الطائف واليمن، بينهما ستة أيام، وهي التي يُضرب بها المثل، فيقال: أهون من تبالة على الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ-، وذلك أنها أول شيء وَلِيَهُ، فلما قَرب منها سأل من معه عنها، فقال: هي وراء تلك الأكمة، فرجع، فقال: لا خير في بلد يسترها أكمة، وكلام صاحب "المطالع" يقتضي أنهما موضعان، وأن المراد في الحديث غير تبالة الحجاج، وكلام ياقوت يقتضي أنها هي، ولذلك لم يذكرها في المشترك، وعند ابن حبان من هذا الوجه، قال معمر: إن عليه الآن بيتًا مبنيًا مغلقًا.
وقال ابن التين: فيه الإخبار بأن نساء دوس يركبن الدواب من البلدان إلى الصنم المذكور، فهو المراد باضطراب ألياتهن.
قال الحافظ: ويَحْتَمِل أن يكون المراد: أنهنّ يتزاحمن بحيث تضرب عجيزة بعضهنّ الأخرى، عند الطواف حول الصنم المذكور.
وفي معنى هذا الحديث ما أخرجه الحاكم، عن عبد اللَّه بن عمر قال:"لا تقوم الساعة حتى تَدافَع مناكب نساء بني عامر على ذي الخلصة"، وابن عديّ من رواية أبي معشر، عن سعيد، عن أبي هريرة، رفعه:"لا تقوم الساعة حتى تُعبد اللات والعزى".
قال ابن بطال: هذا الحديث وما أشبهه ليس المراد به أن الدين ينقطع كله في جميع أقطار الأرض، حتى لا يبقى منه شيء؛ لأنه ثبت أن الإسلام يبقى إلى قيام الساعة، إلا أنه يضعف، ويعود غريبًا كما بدأ، ثم ذكر حديث:"لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق. . . " الحديث، قال: فتبيّن في هذا الحديث تخصيص الأخبار الأخرى، وأن الطائفة التي تبقى على الحقّ تكون ببيت المقدس، إلى أن تقوم الساعة، قال: فبهذا تأتلف الأخبار.
وتعقّبه الحافظ، قائلًا: ليس فيما احتَجّ به تصريح إلى بقاء أولئك إلى