للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

استفتاح وتنبيه، (وَإِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى) وفي رواية: "اليسرى"، وكلاهما صحيح، والعَوَر في اللغة العيب، وعيناه معيبتان عورًا، وأن إحداهما طافئة بالهمز، لا ضوء فيها، والأخرى طافية بلا همزة ظاهرة ناتئة، قاله النوويّ (١).

(كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِئَةٌ") قال وليّ الدين -رَحِمَهُ اللَّهُ-: رُوي بالهمز، وبغير همز، فمن هَمَز فمعناه ذهب ضوءها، ومن لم يهمز فمعناه: ناتئة بارزة، ثم إن في هذه الرواية أنه أعور العين اليمنى، وهو المشهور، وفي رواية أخرى: أنه أعور العين اليسرى، وقد ذكرهما جميعًا مسلم في هذا الباب، وكلاهما صحيح، قال القاضي عياض: روينا هذا الحرف، وهو "طافية" عن أكثر شيوخنا بغير همز، وهو الذي صححه أكثرهم، وإليه ذهب الأخفش، ومعناه: ناتئة، كنتوء حبَّة العنب من بين صواحبها، وضَبَطه بعض شيوخنا بالهمزة، وأنكره بعضهم، ولا وجه لإنكاره، وقد وصف في الحديث بأنه ممسوح العين، وأنها ليست حَجْراء، ولا ناتئة، وأنها مطموسة، وهذه صفة حبة العنب إذا سأل ماؤها، وهذا يصحح رواية الهمز، وأما ما جاء في الأحاديث الأُخرى: "جاحظ العين، وكأنها كوكب وفي رواية: "لها حدقة جاحظة، كأنها نخاعة في حائط" فيصحح رواية ترك الهمز، لكن يجمع بين الأحاديث، وتصحح الروايات جميعًا بأن تكون المطموسة والممسوحة والتي ليست حجراء، ولا ناتئة، هي العوراء الطائفة بالهمز، وهي العين اليمنى، كما جاء هنا، وتكون الجاحظة، والتي كأنها كوكب، وكأنها نخاعة هي الطافية، بغير همز، وهي العين اليسرى، كما جاء في الرواية الأخرى، وهذا جمع بين الأحاديث والروايات في الطافئة بالهمز، وبتركه، وأعور اليمنى واليسرى؛ لأن كل واحدة منهما عوراء، فإن الأعور من كل شيء المعيب، لا سيما ما يختص بالعين، وكذا عيني الدجال معيبة، عوراء، فإحداهما بذهابها، والأخرى بعيبها. انتهى كلام القاضي.

وحكاه عنه النوويّ، ثم قال: وهو في نهاية من الحُسن، وذكر ابن عبد البرّ أن حديث "أعور العين اليمنى" أثبت من جهة الإسناد، فأشار إلى


(١) "شرط النوويّ" ١٨/ ٦٠.