قال الحافظ: كذا قال، والأصل عدم التعدد، ورواية الميشار تفسر رواية الضرب بالسيف، فلعل السيف كان فيه فُلول، فصار كالميشار، وأراد المبالغة في تعذيبه بالقتلة المذكورة، ويكون قوله:"فضربه بالسيف" مفسرًا لقوله: إنه نشره.
وقوله:"فيقطعه جزلتين" إشارة إلى آخر أمره لَمّا ينتهي نشره.
قال الخطابيّ: فإن قيل: كيف يجوز أن يُجري اللَّه الآية على يد الكافر، فإن إحياء الموتى آية عظيمة من آيات الأنبياء، فكيف ينالها الدجال، وهو كذّاب، مُفْتَرٍ، يدعي الربوبية؟.
فالجواب أنه على سبيل الفتنة للعباد؛ إذ كان عندهم ما يدلّ على أنه مبطل، غير محقّ في دعواه، وهو أنه أعور، مكتوب على جبهته كافر، يقرؤه كل مسلم، فدعواه داحضة مع وسم الكفر، ونقص الذات، والقدر؛ إذ لو كان إلهًا لأزال ذلك عن وجهه، وآيات الأنبياء سالمة من المعارضة، فلا يشتبهان.
وقال الطبريّ: لا يجوز أن تعطى أعلام الرسل لأهل الكذب، والإفك في الحالة التي لا سبيل لمن عاين ما أتى به فيها إلا الفصل بين المحقّ منهم والمبطل، فأما إذا كان لمن عاين ذلك السبيل إلى عِلم الصادق من الكاذب، فمن، ظهر ذلك على يده فلا ينكر إعطاء اللَّه ذلك للكذابين، فهذا بيان الذي أعطيه الدجال من ذلك، فتنة لمن شاهده، ومحنة لمن عاينه. انتهى.
وفي الدجال مع ذلك دلالة بينةٌ لمن عقل على كذبه؛ لأنه ذو أجزاء مؤلمة، وتأثير الصنعة فيه ظاهر، مع ظهور الآفة به، من عَوَر عينيه، فإذا دعا الناس إلى أنه ربهم، فأسوأ حال من يراه من ذوي العقول أن يعلم أنه لم يكن ليسوّي خلق غيره، ويعدله، ويحسّنه، ولا يدفع النقص عن نفسه، فأقل ما يجب أن يقول: يا من يزعم أنه خالق السماء والأرض صَوِّر نفسك، وعدّلها، وأزل عنها العاهة، فإن زعمت أن الرب لا يُحْدث في نفسه شيئًا، فأزل ما هو مكتوب بين عينيك.
وقال المهلَّب: ليس في اقتدار الدجال على إحياء المقتول المذكور ما يخالف ما ثبت من قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هو أهون على اللَّه من ذلك"؛ أي: من أن يُمَكَّن من المعجزات تمكينًا صحيحًا، فإن اقتداره على قتل الرجل، ثم إحيائه لم