الجسّاسة عن فاطمة بنت قيس:"نَكَحْتُ ابنَ المغيرة، وهو من خيار شباب، قريش يومئذ، فأصيب في الجهاد مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلما تأيّمتُ خطبني أبو جهم. . . " الحديث، وهذه الرواية وَهَمٌ، ولكن أوّلها بعضهم على أن المراد بقولها:"أصيب"؛ أي: مات على ظاهره، وكان في بعث عليّ إلى اليمن، فيصدق أنه أُصيب في الجهاد مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ أي: في طاعة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا يلزم من ذلك أن تكون بينونتها منه بالموت، بل بالطلاق السابق على الموت، فقد ذهب جمع جمّ إلى أنه مات مع عليّ باليمن، وذلك بعد أن أرسل إليها بطلاقها، فإذا جُمع بين الروايتين استقام هذا التأويل، وارتفع الوهم، ولكن يَبْعُد بذلك قول من قال: إنه بقي إلى خلافة عمر. انتهى (١).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: عندي أن كون هذه الرواية وهمًا من بعض الرواة هو الظاهر؛ لأن التأويل الذي ذكروه بعيد عن سياق الحديث، فليُتنبّه، واللَّه تعالى أعلم.
(خَطَبَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ) أحد العشرة المبشّرين بالجنّة المتوفّى سنة (١٣٢ هـ)، (فِي نَفَرٍ)؛ أي: مع جماعة من الصحابة -رضي اللَّه عنهم-، (مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) تقدّم في الطلاق من جملة من خطبها معاوية، وأبو الجهم.
قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ظاهره أن الْخِطبة كانت في نفس العدّة، وليس كذلك إنما كانت بعد انقضائها، كما صُرّح به في الأحاديث السابقة في "كتاب الطلاق"، فيتأول هذا اللفظ الواقع هنا على ذلك، ويكون قوله:"انتقلي إلى أم شريك" و"إلى ابن أم مكتوم" مقدّمًا على الْخِطبة، وعطف جملة على جملة من غير ترتيب. انتهى.
(وَخَطَبَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَى مَوْلَاهُ)؛ أي: ليزوجني مولاه (أُسَامَةَ بْنِ زَيْد) بن شَرَاحيل الكلبيّ الأمير الصحابيّ ابن الصحابيّ، حِبّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وابن حبّه -رضي اللَّه عنهما-، أبي محمد، وأبي زيد، مات سنة (٥٤ هـ) وهو ابن (٧٥)، تقدّمت ترجمته في "الإيمان" ٤٣/ ٢٨٤.
قالت فاطمة:(وَكُنْتُ قَدْ حُدِّثْتُ) بالبناء للمفعول، أي: أخبرني بعض