الثاني جزم بعض شرّاح "المصابيح"، واستبعده بعض شرّاح "المشارق".
وقال الداوديّ: المحفوظ أنه - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك للذين خاطبهم بقوله: تأتيكم ساعتكم؛ يعني: بذلك موتهم؛ لأنهم كانوا أعرابًا، فخشي أن يقول لهم: لا أدري متى الساعة، فيرتابوا، فكلّمهم بالمعاريض، وكأنه أشار إلى حديث عاشة الذي أخرجه مسلم:"كان الأعراب إذا قَدِموا على النبيّ - صلى الله عليه وسلم - سألوه عن الساعة، متى الساعة؟ فينظر إلى أحدث إنسان منهم سنًّا، فيقول: إن يعش هذا حتى يدركه الهرم، قامت عليكم ساعتكم".
قال عياض، وتبعه القرطبيّ: هذه رواية واضحة، تُفسِّر كل ما ورد من الألفاظ المشكلة في غيرها.
وأما قول النوويّ: يَحْتَمِل أنه - صلى الله عليه وسلم - أراد أن الغلام المذكور لا يؤخر، ولا يعمر، ولا يهرم؛ أي: فيكون الشرط لم يقع، فكذلك لم يقع الجزاء، فهو تأويل بعيد، ويلزم منه استمرار الإشكال؛ لأنه إن حمَل الساعة على انقراض الدنيا، وحلول أمر الآخرة، كان مقتضى الخبر أن القَدْر الذي كان بين زمانه - صلى الله عليه وسلم - وبين ذلك بمقدار ما لو عُمِّر ذلك الغلام إلى أن يبلغ الهرم، والمشاهد خلاف ذلك، وإن حمَل الساعة على زمن مخصوص رجع إلى التأويل المتقدم، وله أن ينفصل عن ذلك بأن سن الهرم لا حدّ لقدره. انتهى (١)، والله تعالى أعلم.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أنس - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف - رحمه الله -.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٢٧/ ٧٣٨٠ و ٧٣٨١ و ٧٣٨٢](٢٩٥٣)، و (أحمد) في "مسنده"(٣/ ٢٢٨)، والله تعالى أعلم.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّلَ الكتاب قال: