في "مسنده"(١١٨٦)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٣١٠٧)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان أن العمل يدخل القبر مع الإنسان، فينتفع به إن كان صالحًا، ويتضرّر به، إن كان غير صالح، وقد ورد ذلك في حديث البراء بن عازب - رضي الله عنهما - الطويل في صفة المسألة في القبر عند أحمد وغيره، ففيه:"ويأتيه رجل حسن الوجه، حسن الثياب، طيب الريح، فيقول: أبشر بالذي يسرك، هذا يومك الذي كنت تُوعَد، فيقول له: من أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالخير، فيقول: أنا عملك الصالح، فيقول: رب أقم الساعة، حتى أرجع إلى أهلي ومالي".
وقال في الكافر:"ويأتيه رجل قبيح الوجه، قبيح الثياب، مُنتِنُ الريح، فيقول: أبشر بالذي يسوءك، هذا يومك الذي كنت تُوعَد، فيقول: من أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالشر، فيقول: أنا عملك الخبيث، فيقول: رب لا تُقِم الساعة". . . الحديث. وقد ذكرت الحديث بطوله في غير هذا المحلّ.
٢ - (ومنها): التنبيه على الاهتمام بإصلاح العمل، حيث إنه لا يفارق عامله في دار البقاء.
٣ - (ومنها): أن مما يجب على العاقل عدمَ الاشتغال بالأهل والمال عن الأعمال الصالحات، إلا فيما له تعلّق بالآخرة، كتعليم أهله دينهم، وتوجيههم إلى الخير، والقيام بماله، ليصل به رحمه، ويواسي به الفقراء والمحتاجين، وينفقه في سبيل الله تعالى، فإن هذا يعدّ من أعماله الصالحات التي تدخل معه القبر، وينتفع بها، وما عدا ذلك فهو فتنة، وقد حذّر الله تعالى منها، حيث قال: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (٢٨)} [الأنفال: ٢٨]، وقال:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ}[التغابن: ١٤]، وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (٩)} [المنافقون: ٩]، والله تعالى أعلم.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّلَ الكتاب قال: