كل جزء من الدخول، وأما الاستقرار فالكيفية المذكورة مطلوبة فيه بالأولوية، وسيأتي أنه - صلى الله عليه وسلم - لم ينزل فيه البتة. (فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ، أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ") قال في "الفتح": بالرفع على أن "لا" نافية، والمعنى لئلا يصيبكم، ويجوز الجزم على أنها ناهية، وهو أوجه، وهو نهيٌ بمعنى الخبر، وفي الرواية التالية: "حذرًا أن يصيبكم مثل ما أصابهم"، وفيه للبخاريّ بلفظ: "أن يصيبكم"؛ أي: خشية أن يصيبكم، ووجه هذه الخشية أن البكاء يبعثه على التفكر والاعتبار، فكأنه أَمَرهم بالتفكر في أحوال توجب البكاء كان تقدير الله تعالى على أولئك بالكفر، مع تمكينه لهم في الأرض، وإمهالهم مدةً طويلة، ثم إيقاع نقمته بهم، وشدة عذابه، وهو - سبحانه وتعالى - مقلب القلوب، فلا يأمن المؤمن أن تكون عاقبته إلى مثل ذلك، والتفكر أيضًا في مقابلة أولئك نعمةَ الله بالكفر، وإهمالهم إعمال عقولهم فيما يوجب الإيمان به، والطاعة له، فمَن مَرّ عليهم، ولم يتفكر فيما يوجب البكاء اعتبارًا بأحوالهم، فقد شابههم في الإهمال، ودلّ على قساوة قلبه، وعدم خشوعه، فلا يأمن أن يجرّه ذلك إلى العمل بمثل أعمالهم، فيصيبه ما أصابهم.
وبهذا يندفع اعتراض من قال: كيف يصيب عذاب الظالمين من ليس بظالم؟؛ لأنه بهذا التقرير لا يأمَن أن يصير ظالِمًا، فيعذَّب بظلمه. والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٣/ ٧٤٣٣ و ٧٤٣٤](٢٩٨٠)، و (البخاريّ) في "الصلاة" (٤٣٣) و"المغازي" (٣٣٨٠ و ٣٣٨١ و ٤٤١٩ و ٤٤٢٠) و"التفسير" (٤٧٠٢)، و (النسائيّ) في "الكبرى" (٦/ ٣٧٣ و ٣٧٤)، و (ابن المبارك) في "الزهد" (١/ ٥٤٣)، و (عبد الرزّاق) في "مصنّفه" (١/ ٤١٥)، و (أحمد) في "مسنده" (٢/ ٩ و ٥٨ و ٧٢ و ٧٤ و ٩٢ و ١١٣ و ١٣٧)، و (الحميديّ) في "مسنده" (٢/ ٢٩٠)، و (أبو يعلى) في "مسنده" (٩/ ٤٢٥)، و (الرويانيّ) في "مسنده" (٢/ ٤٠٧)، و (عبد بن حميد) في "مسنده" (١/ ٢٥٥)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"