قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "لأن أكثر المخاطبين كانوا ظالمين لأنفسهم" محلّ نظر؛ لأن المخاطبين هم الصحابة - رضي الله عنهم -، لا مشركو مكة، فتأمل، والله تعالى أعلم.
(ثُمَّ زَجَرَ) النبيّ - صلى الله عليه وسلم - راحلته (فَأَسْرَعَ) في السير، فخرج منها (حَتَّى خَلَّفَهَا) بتشديد اللام، من التخليف؛ أي: جعل - صلى الله عليه وسلم - تلك المساكن وراءه.
وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "ثم زجر، فأسرع"؛ أي: زجر ناقته، فأسرع بها في المشي، ويستفاد منه كراهة دخول أمثال تلك المواضع والمقابر، فإن كان ولا بدّ من دخولها فعلى الصفة التي أرشد إليها النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من الاعتبار، والخوف، والإسراع، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تدخلوا أرض بابل، فإنَّها ملعونة"(١).
والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام البحث فيه قبله، ولله الحمد.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّلَ الكتاب قال:
[٧٤٣٥](٢٩٨١) - (حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ؛ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ، أَنَّ النَّاسَ نَزَلُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْحِجْرِ أَرْضِ ثَمُودَ، فَاسْتَقَوْا مِنْ آبَارِهَا، وَعَجَنُوا بِهِ الْعَجِينَ، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُهَرِيقُوا مَا اسْتَقَوْا، وَيَعْلِفُوا الإِبِلَ الْعَجِينَ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَقُوا مِنَ الْبِئْرِ الَّتي كَانَتْ تَرِدُهَا النَّاقَةُ).
رجال هذا الإسناد: خمسة:
١ - (الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى أَبُو صَالِحٍ) البغداديّ القنطريّ [١٠]، تقدم في "الإيمان" ٤٦/ ٢٩٦.
٢ - (شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ) الأمويّ مولاهم البصريّ، ثم الدمشقيّ، من كبار [٩]، تقدم في "المساجد ومواضع الصلاة" ٣٤/ ١٤١٨.
٣ - (عُبَيْدُ اللهِ) بن عمر الْعُمريّ المدنيّ الفقيه [٥]، تقدم في "الإيمان" ٢٨/ ٢٢٢.
(١) حديث ضعيف، رواه أبو داود من حديث عليّ - رضي الله عنه - قال: "إن حبي - صلى الله عليه وسلم - نهاني أن أصلّي في أرض بابل، فإنها ملعونة".