وابن مسعود، وجماعة من السلف يتهجدون في مساجدهم، ويتظاهرون بمحاسن أعمالهم ليقتدى بهم، قال: فمن كان إمامًا يُستن بعمله، عالِمًا بما لله عليه، قاهرًا لشيطانه، استوى ما ظهر من عمله، وما خفي؛ لصحة قصده، ومن كان بخلاف ذلك، فالإخفاء في حقه أفضل، وعلى ذلك جرى عمل السلف.
فمن الأول: حديث حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، قال: سمع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - رجلًا يقرأ، ويرفع صوته بالذكر، فقال:"إنه أواب"، قال: فإذا هو المقداد بن الأسود - رضي الله عنه -، أخرجه الطبريّ.
ومن الثاني: حديث الزهريّ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قام رجل يصلى، فجهر بالقراءة، فقال له النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُسْمِعني، وأسمِع ربك"، أخرجه أحمدّ، وابن أبي خيثمة، وسنده حسن، قاله في "الفتح"(١)، والله تعالى أعلم.
وبالسند المتصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّلَ الكتاب قال:
[٧٤٤٦](٢٩٨٧) - (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَثَا وَكيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جُنْدُبًا الْعَلَقِيَّ، قَالَ: قَالَ رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ يُسَمِّعْ يُسَمِّعِ اللهُ بِهِ، وَمَنْ يُرَائي يرَائِي اللهُ بِهِ").
رجال هذا الإسناد: خمسة:
١ - (أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ) المذكور في الباب الماضي.
٢ - (وَكيعُ) بن الجرّاح، أبو سفيان الرؤاسيّ الكوفيّ [٩]، تقدم في "المقدمة" ١/ ١.
٣ - (سُفْيَانُ) بن سعيد الثوريّ الكوفيّ [٧]، تقدم في "المقدمة" ١/ ١.
٤ - (سَلَمَةُ بْنَ كُهَيْلٍ) الحضرميّ، أبو يحيى الكوفيّ [٤]، تقدم في "الحيض" ٥/ ٧٠٤.
٥ - (جُنْدُبٌ الْعَلَقِي) - بفتحتين، ثم قاف - هو: جندب بن عبد الله بن سفيان الْبَجَليّ، أبو عبد الله، وربما نُسب إلى جده صحابيّ مات - رضي الله عنه - بعد الستين (ع)، تقدم في "الإيمان" ٤٣/ ٢٨٦.