مرة، إلى أن يبلغ ثلاث مرات، روينا في "صحيح مسلم"، وأبي داود، والترمذيّ عن سلمة بن الأكوع أنه "سمع النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وعطس عنده رجل، فقال له: يرحمك الله، ثم عطس أخرى، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الرجل مزكوم"، هذا لفظ رواية مسلم، وأما أبو داود، والترمذيّ، فقالا: قال سلمة: "عطس رجل عند النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وأنا شاهد، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يرحمك الله، ثم عطس الثانية، أو الثالثة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يرحمك الله، هذا رجل مزكوم". انتهى كلامه.
قال الحافظ رَحِمَهُ اللهُ: ونقلته من نسخة عليها خطه بالسماع عليه، والذي نسبه إلى أبي داود، والترمذيّ من إعادة قوله - صلى الله عليه وسلم - للعاطس:"يرحمك الله" ليس في شيء من نُسخهما، كما سأبيّنه، فقد أخرجه أيضًا أبو عوانة، وأبو نعيم في "مستخرجيهما"، والنسائيّ، وابن ماجه، والدارميّ، وأحمد، وابن أبي شيبة، وابن السنيّ، وأبو نعيم أيضًا في "عمل اليوم والليلة"، وابن حبان في "صحيحه"، والبيهقيّ في "الشُّعَب" كلهم من رواية عكرمة بن عمار، عن إياس بن سلمة، عن أبيه، وهو الوجه الذي أخرجه منه مسلم، وألفاظهم متفاوتة، وليس عند أحد منهم إعادة:"يرحمك الله" في الحديث، وكذلك ما نسبه إلى أبي داود، والترمذيّ أن عندهما:"ثم عطس الثانية، أو الثالثة" فيه نظم، فإن لفظ أبي داود:"أن رجلًا عطس"، والباقي مثل سياق مسلم سواء، إلا أنه لم يقل:"أخرى"، ولفظ الترمذيّ مثل ما ذكره النوويّ إلى قوله:"ثم عطس" فإنه ذكره بعده، مثل أبي داود سواء، وهذه رواية ابن المبارك عنده، وأخرجه من رواية يحيى القطان، فأحال به على رواية ابن المبارك، فقال نحوه، إلا أنه قال له في الثانية:"أنت مزكوم"، وفي رواية شعبة قال يحيى القطان، وفي رواية عبد الرحمن بن مهديّ قال له في الثالثة:"أنت مزكوم".
وهؤلاء الأربعة رووه عن عكرمة بن عمار، وأكثر الروايات المذكورة ليس فيها تعرّض للثالثة، ورجّح الترمذي رواية من قال في الثالثة، على رواية من قال في الثانية.
وقد وجدت الحديث من رواية يحيى القطان يوافق ما ذكره النوويّ، وهو ما أخرجه قاسم بن أصبغ في "مصنفه"، وابن عبد البرّ من طريقه قال: حدّثنا محمد بن عبد السلام، حدّثنا محمد بن بشار، حدّثنا يحيى القطان، حدّثنا