للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله عنه: وجه الرفع على أنه صفة لـ "سبعون"، ووجه النصب على أنه حال منه، والله تعالى أعلم.

قال: ومعنى "متماسكين" ممسكٌ بعضهم بيد بعض، ويدخلون معترضين صفًّا واحدًا، بعضهم بجنب بعض، وهذا تصريح بعظم سعة باب الجَنَّة - نسأل الله الكريم رضاه، والجنة لنا ولأحبابنا، ولسائر المسلمين -.

وقوله: (آخِذٌ بَعْضُهُمْ بَعْضًا) تفسير لـ "متماسكين"، وفي رواية البخاريّ: "آخذٌ بعضهم ببعض" (لَا يَدْخُلُ أَوَّلُهُمْ حَتَّى يَدْخُلَ آخِرُهُمْ) وفي رواية للبخاريّ: "حتى يدخل أولهم وآخرهم"، قال في "الفتح": هو غاية للتماسك المذكور، والأخذِ بالأيدي، قال: وهذا ظاهره يستلزم الدَّوْر، وليس كذلك، بل المراد أنهم يدخلون صفًّا واحدًا، فيدخل الجميع دَفْعَةً واحدةً، ووصفُهم بالأولية والآخرية باعتبار الصفة التي جازوا فيها على الصراط، وفي ذلك إشارة إلى سعة الباب الذي يدخلون منه الجَنَّة.

قال عياض: يحتمل أن يكون معنى كونهم متماسكين أنهم على صفة الوقار، فلا يسابق بعضهم بعضًا، بل يكون دخولهم جميعًا.

وقال النوويّ: معناه أنهم يدخلون معترضين صفًّا وَاحدًا بعضهم بجنب بعض.

[تنبيه]: هذه الأحاديث تَخُصّ عموم الحديث الذي أخرجه مسلم، عن أبي بَرْزة الأسلميّ - رضي الله عنه -، رفعه: "لا تزول قَدَمَا عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه؟، وعن جسده فيما أبلاه؟، وعن علمه فيما عمل به؟، وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ "، وله شاهد عن ابن مسعود عند الترمذيّ، وعن معاذ بن جبل عند الطبرانيّ.

قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: عموم الحديث واضحٌ؛ لأنه نكرة في سياق النفي، لكنه مخصوص بمن يدخل الجَنَّة بغير حساب، وبمن يدخل النار من أول وَهْلة على ما دَلّ عليه قوله تعالى: {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ (٤١)} الآية [الرحمن: ٤١]، وفي سياق حديث أبي برزة - رضي الله عنه - إشارة إلى الخصوص، وذلك أنه ليس كلُّ أحد عنده علم يسأل عنه، وكذا المال، فهو مخصوص بمن له علمٌ، وبمن له مالٌ، دون من لا مال له، ومن لا علم له، وأما السؤال عن