٤ - (ومنها): كمال شفقة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وشدّة حرصه على رجاء الخير لأمته، وطلب ذلك من ربّه - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -.
٥ - (ومنها): بيان عظيم فضل الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - على نبيّه - صلى الله عليه وسلم -"، وكثرة عطائه لي، كما أخبر الله - عَزَّ وَجَلَّ - بذلك حيث قال: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (٥)} [الضحى: ٥]، وقال:{وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا}[النساء: ١١٣].
٦ - (ومنها): أن في عدم قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في أول الأمر: "أما ترضون أن تكونوا شطر أهل الجَنَّة"، بل أخبرهم بالتدريج، فائدةً حسنةً، وهي أن ذلك أوقع في نفوسهم، وأبلغ في إكرامهم، فإن إعطاء الإنسان مرّةً بعد أخرى دليل على الاعتناء به، ودوام ملاحظته.
٧ - (ومنها): أن فيه فائدة أخرى أيضًا، وهي تكريره - صلى الله عليه وسلم - البشارة مرّة بعد أخرى.
٨ - (ومنها): أن فيه أيضًا حَمْلَهم على تجديد شكر الله تعالى، وتكبيره، وحمده على كثرة نعمه.
٩ - (ومنها): أنه وقع في هذا الحديث "شطر أهل الجَنَّة"، ووقع - صلى الله عليه وسلم - رواية أحمد، والترمذيّ، وابن ماجة: "أن أهل الجَنَّة عشرون ومائة صفّ، هذه الأمة منها ثمانون صفًّا"، فهذا دليل على أنهم يكونون ثلثي أهل الجَنَّة، فيكون النبيّ أخبر أَوّلًا بحديث الشطر، ثم تفضّل الله - عَزَّ وَجَلَّ - بالزيادة، فأَعلَمه - صلى الله عليه وسلم - بحديث الصفوف، فأخبر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - به بعد ذلك، ولهذا نظائر كثيرة في الحديث، معروفة، كحديث: "صلاة الجماعة تفضّل صلاة المنفرد بسبع وعشرين درجة"، و"بخمس وعشرين درجة" على إحدى التأويلات فيه، وسيأتي تحقيقه في موضعه - إن شاء الله تعالى -.
١٠ - (ومنها): أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يدخل الجَنَّة إلَّا نفس مسلمة" نصّ صريحٌ في أن من مات على الكفر لا يدخل الجَنَّة أصلًا، وهذا النصّ على عمومه بإجماع المسلمين.
١١ - (ومنها): أن في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم هل بلّغتُ، اللهم اشهد" بيان أن التبليغ واجب على النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.