للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إلى الرحمن، ثقيلتان في الميزان، خفيفتان على اللسان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم" (١)، وقال: "أثقل ما يوضع في الميزان الْخُلُق الْحَسَن" (٢).

وكذلك المؤمن يأتيه عمله الصالح في قبره، في أحسن صورة، والكافر يأتيه عمله في أقبح صورة.

ورُوي أن الصلاة، والزكاة، والصيام، وأعمال البر تكون حول الميت في قبره، تدافع عنه، وأن القرآن يَصْعَد فيشفع له.

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بهذه النصوص الواضحة أن الأعمال نفسها توزن، وهذا هو الصواب من أقوال أهل العلم في ذلك، ولا مانع مع ذلك أن يوزن صاحبها، ويوزن الثواب أيضًا، كما تدلّ عليه بعض النصوص، وسيأتي تحقيق القول في ذلك في المسألة العاشرة - إن شاء الله تعالى -.

وأما "سبحان الله" ففي رواية مسلم: "سبحان الله، والحمد لله تملأ، أو تملآن ما بين السماء والأرض"، فشَكّ الراوي في الذي يملأ ما بين السماء والأرض، هل هو الكلمتان، أو إحداهما؟، وفي رواية النسائيّ، وابن ماجه: "التسبيح، والتكبير ملء السماء والأرض"، قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: وهذه الرواية أسنَدُ (٣).

وهل المراد أنهما معًا يملآن ما بين السماء والأرض، أو أن كلا منهما يملأ ذلك؟ هذا محتمل.

وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، والرجل الآخر: أن التكبير وحده يملأ ما


(١) متّفقٌ عليه.
(٢) حديث صحيحٌ، أخرجه البخاريّ في "الأدب المفرد" (٢٧٠)، وأبو داود (٤٧٩٩)، والترمذيّ (٢٠٠٣)، وصححه ابن حبّان.
(٣) قال الجامع عفا الله عنه: إنما قال ابن رجب رحمه الله: "أسند" أي أصحّ سندًا مما في "صحيح مسلم"؛ لما أسلفناه أنه اختُلف في إدخال عبد الرحمن بن غَنْم بين أبي سلّام وأبي مالك الأشعري، فأدخله معاوية بن سلّام، عن أخيه زيد، ولم يُدخله يحيى بن أبي كثير عن زيد، وقال الحفّاظ: معاوية أحفظ لحديث أخيه من يحيى بن أبي كثير، فتُرجّح روايته على روايته، فرواية النسائيّ، وابن ماجه من طريق معاوية بإدخاله، أصحّ من رواية مسلم من طريق يحيى بعدمه، فتنبّه، والله تعالى أعلم.