للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٣ - (ومنها): أن فيه الاستدلال بفعل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - على الأحكام الشرعيّة، ومتابعته فيها، وتحرّي مقاربة فعله، وأنه - صلى الله عليه وسلم - هو المرجع في جميعها، كما قال الله عز وجل: {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف: ١٥٨]، وقال: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧].

٤ - (ومنها): التعليم بالفعل؛ لأنه أبلغ، وأضبط للمتعلّم.

٥ - (ومنها): استحباب غسل الكفّين قبل إدخالهما الإناء ثلاثًا، ولو لم يكن عقب نوم؛ احتياطًا.

٦ - (ومنها): الإفراغ على اليدين في ابتداء الوضوء.

٧ - (ومنها): الترتيب في غسل أعضاء الوضوء؛ لأن الراوي رتّبه بـ "ثُمّ" في مَعْرِض البيان، وهي للترتيب، ولحديث أبي داود أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "فتوضأ كما أمرك الله" (١)، ولحديث أبي داود وغيره: "إنه لا تتم صلاة أحدكم حتى يُسبغ الوضوء كما أمر الله، فيغسل وجهه، ويديه إلى المرفقين، ثم يمسح برأسه، ورجليه إلى الكعبين" (٢). قال الخطّابيّ وغيره: فيه من الفقه أن ترتيب الوضوء، وتقديم ما قدّمه الله في الذكر منه واجحب، وذلك معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "حتى يسبغ الوضوء كما أمر الله"، ثم عطف عليه بحرف الفاء الذي يقتضي الترتيب من غير تراخ، وكلُّ من حكى وضوءه - صلى الله عليه وسلم - حكاه مرتَّبًا، وفعله محمول على الوجوب؛ لأنه بيان لمجمل الآية (٣).

وقال شيخ الإسلام رحمه الله: والمنكر أن تتعمّد تنكيس الوضوء، فلا ريب أن هذا مخالفٌ لظاهر الكتاب، ومخالفٌ للسنة المتواترة، فإن هذا لو كان جائزًا لكان قد وقع أحيانًا، أو تبيَّن جوازه - أي بالنصّ - كما في ترتيب التسبيح، لَمّا قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "أفضل الكلام بعد القرآن أربع، وهنّ من القرآن: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، لا يضرّك بأيّهنّ بدأت". انتهى (٤).


(١) حديث صحيح، أخرجه أبو داود برقم (٨٥٦).
(٢) حديث صحيح، أخرجه أبو داود برقم (٨٥٨).
(٣) انظر "الخلافيّات للبيهقيّ" ١١/ ٤٦٧.
(٤) "مجموع الفتاوى" ٢١/ ٤١٣.