وقوله:(قَالَ ابْنُ شِهَابٍ) تُقَدِّرُ لفظة "قال" قبله، فتقول:"قال: قال ابن شهاب"، ففاعل "قال" الأول ضمير صالح، والثاني "ابنُ شهاب".
وقوله:(وَلَكِنْ عُرْوَةُ يُحَدِّثُ عَنْ حُمْرَانَ)"لكن" بتخفيف النون، ويجوز تشديدها، وهذا الاستدراك متعلّق بحديث قبله وقع لابن شهاب بسند آخر، وقد ساقه البخاريّ رحمه الله في "صحيحه"، فقال:
(١٦٠) حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسيّ، قال: حدثني إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، أن عطاء بن يزيد أخبره، أن حمران مولى عثمان أخبره، أنه رأى عثمان بن عفان، دعا بإناء، فأفرغ على كفيه ثلاث مرار، فغسلهما، ثم أدخل يمينه في الإناء، فمضمض واستنشق، ثم غسل وجهه ثلاثًا، ويديه إلى المرفقين ثلاث مرار، ثم مسح برأسه، ثم غسل رجليه ثلاث مرار إلى الكعبين، ثم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين، لا يحدث فيهما نفسه، غُفِر له ما تقدم من وعن إبراهيم، قال: قال صالح بن كيسان: قال ابن شهاب: ولكن عروة يحدث عن حمران، فلما توضأ عثمان قال: ألا أحدثكم حديثًا، لولا آية ما حدثتكموه؟ سمعت النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يتوضأ رجل يحسن وضوءه، ويصلي الصلاة إلا غفر له ما بينه وبين الصلاة، حتى يصليها". قال عروة: الآية: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ}[البقرة: ١٥٩]. انتهى.
فأشار ابن شهاب رحمه الله بقوله: "ولكن عروة يُحدّث .. إلخ" إلى أن شيخيه اختلفا في روايتهما له عن حمران، عن عثمان، فحدّثه عطاء بن يزيد على صفة، وحدّثه عروة على صفة أخرى.
قال الحافظ رحمه الله: وليس هذا اختلافًا، وإنما هما حديثان متغايران، وقد رواهما معاذ بن عبد الرحمن، فأخرج البخاريّ من طريقه نحو سياق عطاء، ومسلم من طريقه نحو سياق عروة، وأخرجه أيضًا من طريق هشام بن عروة، عن أبيه - يعني الرواية السابقة -. انتهى كلام الحافظ رحمه الله (١).