للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الثوريّ، عن أبي النضر، عن بسر، عن عثمان. انتهى كلام الدارقطنيّ رحمه الله (١).

قال الجامع عفا الله عنه: هكذا أعل الإمام أحمد، والدارقطنيّ، وغيرهم هذا الحديث، إلا أن الإمام مسلمًا يرى صحّته، وقد وافقه عليه الإمامان الحافظان: أبو زرعة، وأبو حاتم، فقد ذكر ابن أبي حاتم في "علله"، حيث قال: سئل أبو زرعة عن حديث رواه الفريابيّ، عن سفيان، عن سالم أبي النضر، عن بُسر بن سعيد، أن عثمان توضّأ ثلاثًا ثلاثًا، ثم قال لأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هكذا رأيتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضّأ؟ قالوا: نعم.

ورواه وكيع عن سفيان، عن أبي النضر، عن أبي أنس، أن عثمان توضّأ بالمقاعد، فقال: ألا أُريكم وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: ثم توضّأ ثلاثًا ثلاثًا، قال أبو زرعة: وَهِمَ فيه الفريابيّ، والصواب ما قال وكيع، سألت أبي عن هذا الحديث، فقال: حديث وكيع أصحّ، وأبو أنس جدّ مالك بن أنس، وأبو أنس عن عثمان متّصلٌ، وبُسر بن سعيد عن عثمان مرسل. انتهى كلام ابن أبي حاتم (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: حاصل ما تقدّم أن الأولين أعلّوا الحديث بمخالفة وكيع للجماعة الذين رووه عن الثوريّ، عن أبي النضر، عن بسر بن سعيد، عن عثمان - رضي الله عنه -، والذي يظهر لي أن تصحيح رواية وكيع هو الأولى؛ لأن وكيعًا إمام حافظ مُعْتَمَدٌ على حفظه، ولا سيّما وقد تابعه أبو أحمد الزبيريّ.

على أنه يمكن تصحيح الطريقين معًا بحمله على أن الحديث عند الثوريّ بالطريقين، فلا داعي لتوهيم أحدهما.

والحاصل أن المصنّف، وأبا زرعة، وأبا حاتم قد صحّحوا رواية وكيع هذه، وقولهم هو الأظهر عندي؛ لأن زيادة الثقة في مثل هذا مقبولة؛ حيث كان من زادها حافظًا مُعتَمَدًا، وهو وكيعٌ، وهو المقدّم في سفيان على جميع هؤلاء الذين خالفوه في هذا الحديث، فإنهم لم يوصفوا بحفظ أحاديث الثوريّ


(١) "سنن الدارقطنيّ" ١/ ٨٥.
(٢) "علل الحديث" لابن أبي حاتم ١/ ٥٥ - ٥٦.