للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مسجد البصرة، وأنا قائم أنه سمع عثمان (١) (قَالَ: سَمِعْتُ حُمْرَانَ بْنَ أَبَانَ) تقدّم الخلاف في صرف أبان وعدمه، والمختار صرفه (قَالَ: كُنْتُ أَضَعُ لِعُثْمَانَ طَهُورَهُ (بفتح الطاء: أي الماء الذي يتطهّر به (فَمَا) نافية (أَتَى عَلَيْهِ يَوْم، إِلا وَهُوَ يُفِيضُ عَلَيْهِ نُطْفَةً) - بضمّ النون، وسكون الطاء المهملة -: أي قليلًا من الماء، ومراده أنه لم يكن يمرّ على عثمان - رضي الله عنه - يوم إلا اغتسل فيه، وكانت ملازمته للاغتسال محافظةً على تكثير الطهر، وتحصيل ما فيه من عظيم الأجر الذي ذكره في حديثه، والله تعالى أعلم. (وَقَالَ عُثْمَانُ) - رضي الله عنه - (حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ انْصِرَافِنَا مِنْ صَلَاِتنَا هَذِهِ - قَالَ مِسْعَرٌ: أُرَاهَا) بضم الهمزة (الْعَصْرَ -) أي أظنّ تلك الصلاة صلاة العصر (فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("مَا) نافية (أَدْرِي أُحَدِّثُكُمْ) بتقدير همزة الاستفهام؛ أي أأُحدّثكم (بِشَيْءٍ) مما فيه بيان لثواب بعض الطاعات (أَوْ أَسْكُتُ") وفي نسخة: "أم أسكت؟ "، أي أترك تحديثكم؛ لئلا تغترّوا، وتتّكلوا على عملكم، قال النوويّ رحمه الله: يَحْتَمِل أن يكون معناه: ما أدري هل ذكري لكم هذا الحديثَ في هذا الزمن مصلحة أم لا؟ ثم ظهرت مصلحته في الحال عنده - صلى الله عليه وسلم -، فحدثهم به؛ لما فيه من ترغيبهم في الطهارة، وسائر أنواع الطاعات، وسبب توقفه أوّلًا أنه خاف مفسدة اتّكالهم، ثم رأى المصلحة في التحديث به. انتهى (٢).

(فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ الله، إِنْ كَانَ) ذلك الحديث (خَيْرًا فَحَدِّثْنَا) حتى نغتنمه، ونُسَرّ به (وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ، فَاللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ) أي فالأمر إلى الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، قال النوويّ رحمه الله: يَحْتَمِل أن يكون معناه إن كان بِشارةً لنا، وسببًا لنشاطنا، وترغيبنا في الأعمال، أو تحذيرًا وتنفيرًا من المعاصي والمخالفات، فحدِّثنا به؛ لنَحْرِص على عمل الخير، والإعراض عن الشرّ، وإن كان حديثًا لا يتعلق بالأعمال، ولا ترغيب فيه، ولا ترهيب، فالله ورسوله أعلم، ومعناه فَرَ فيه رَايَكَ، والله تعالى أعلم. انتهى (٣).

(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَطَهَّرُ) وفي نسخة: "يَطّهّر" بتشديد الطاء،


(١) "مسند أبي عوانة" ١/ ١٩٣ - ١٩٤.
(٢) "شرح النوويّ" ٣/ ١١٥.
(٣) المصدر السابق.