للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لا يُبقي من درنه شيئًا، قال: "فذلك مَثَلُ الصلوات الخمس، يمحو الله به الخطايا". انتهى كلام الطيبيّ - رحمه الله - بإيضاح (١).

(وَالْجُمْعَةُ) قال الفيّوميّ - رحمه الله -: يوم الجمعة سُمّي بذلك؛ لاجتماع الناس فيه، وضمّ الميم لغة الحجاز، وفتحها لغة بني تميم، وإسكانها لغة عُقَيل، وقرأ بها الأعمش، وجمعه جُمَعٌ، وجُمْعَات، مثلُ غُرَفٍ، وغُرْفَاتٍ في وجوهها. انتهى (٢). (إِلَى الْجُمْعَةِ) زاد في رواية إسحاق مولى زائدة الآتية: "ورمضان إلى رمضان".

قال الطيبيّ - رحمه الله - قوله: "الجمعة إلى الجمعة" المضاف محذوف: أي صلاة الجمعة، و"إلى" متعلّق بالمصدر؛ أي صلاة الجمعة منتهيةً إلى صلاة الجمعة، وعلى هذا صوم رمضان منتهيًا إلى صوم رمضان، وقوله: (كفَّارَةٌ) خبر عن الكلّ، أفرده باعتبار كلّ واحد منها، وفي رواية ابن سيرين التالية: "كفّارات" بالجمع، وهو واضح، والتكفير: معناه التغطية، والمراد به هنا المحو، وقوله: (لِمَا بَيْنَهُنَّ) متعلّق بـ "كفّارة"، ودخلت فيه اللام، وإن كان فعله متعدّيًا؛ تقوية له؛ لكونه فرعًا في العمل، كما في قوله تعالى: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود: ١٠٧] (مَا لَمْ تُغْشَ الْكَبَائِرُ") ببناء الفعل للمفعول، و"الكبائر" نائب فاعله، و"ما" مصدريّة ظرفيّة: أي مدّة عدم غشيان الكبائر؛ أي فعل المعاصي الكبار.

ثم ظاهر الحديث يفيد أن التكفير مشروط باجتناب الكبائر، فإن لم يَجتنبها لم تُكَفَّر الصغائر، ومثله قوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} الآية [النساء: ٣١]، وهذا إنما يلزم عند من يقول بمفهوم المخالفة، وأما من لم يقل بمفهوم المخالفة، فأمر تكفير الصغائر وقت ارتكاب الكبائر مسكوت عنه عنده، وقد عُلِم من الأدلّة الأخرى أنه تغفر الصغائر بالطاعات، وإن لم تُجتَنَب الكبائر، وقيل في توجيه الآية: أن محو الصغائر لمن اجتنب الكبائر وعدٌ مقطوع به، ومحوها لمن تعاطى الكبائر ليس كذلك، بل في مشيئة الله تعالى وإرادته.


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٣/ ٨٦٤.
(٢) "المصباح" ١/ ١٠٨ - ١٠٩.