أبو إدريس عن معاذ أسند ذلك إلى يزيد بن عَمِيرة. قال أبو زرعة: قال محمد بن أبي عُمر عن ابن عُيينة، عن الزهري، عن أبي إدريس أنه أدرك عُبادة بن الصامت، وأبا الدرداء، وشداد بن أوس، وفاته معاذ بن جبل. قال أبو زرعة: وقد حدثنا محمد بن المبارك، ثنا الوليد بن مسلم، عن يزيد بن أبي مريم، عن أبي إدريس، قال: جلست خلف معاذ بن جبل، وهو يصلي، فلما انصرف من الصلاة، قلت: إني لأحبك لله، قال: فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"المتحابّون في الله في ظلّ عرشه، يوم لا ظل إلا ظلّه"(١)، قال أبو زرعة: وقال هشام عن صدقة، عن ابن جابر، عن عطاء الخراساني: سمعت أبا إدريس نحوه، قال: وحدثني سليمان، عن خالد بن يزيد بن أبي مالك، عن أبي إدريس، قال أبو زرعة: أبو إدريس يَروي عن أبي مسلم الخولاني، وعبد الرحمن بن غَنْم، وكلاهما يحدثان بهذا الحديث، عن معاذ، والزهري يحفظ عن أبي إدريس أنه لم يسمع من معاذ، والحديث حديثهما.
وقال أبو عمر بن عبد البر: سماع أبي إدريس من معاذ عندنا صحيح، من رواية أبي حازم وغيره، فلعل رواية الزهري عنه أنه فاتني معاذ بن جبل في معنى من المعاني، وأما لقاؤه وسماعه منه فصحيحٌ غير مدفوع، وقد سُئل الوليد بن مسلم، وكان عالمًا بأيام أهل الشام: هل لقي أبو إدريس معاذ بن جبل؟ قال: نعم أدرك معاذ بن جبل، وأبا عبيدة، وهو ابن عشر سنين، وُلد يوم حُنين، سمعت سعيد بن عبد العزيز يقول ذلك. قال ابن معين وغيره: مات سنة ثمانين.
قال الحافظ: إذا كان وُلد في غزوة حُنين، وهي في أواخر سنة ثمان، ومات معاذ سنة ثمان عشرة، فيكون سنّه حين مات معاذ تسع سنين ونصفًا أو نحو ذلك، فيبعد في العادة أن يُجاري معاذًا في المسجد هذه المجاراة، أو يخاطبه هذه المخاطبة على ما اشتهر من عادتهم، أنهم لا يطلبون العلم إلا بعد البلوغ، والجمعُ الذي جمع به ابن عبد البر، قد سبقه إليه الطحاوي في "مشكله"، وساقه من طُرُق كثيرة إلى أبي إدريس، أنه سمع معاذًا، وعبادة بالقصة المذكورة.