للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: (بِهَذَا الإسْنَادِ) أي بإسناد عمرو بن يحيى السابق.

وقوله: (وَقَالَ: مَضْمَضَ، وَاسْتَنْثَرَ ثَلَاثًا) فاعل "قال" ضمير مالك بن أنس - رَحِمَهُ اللهُ -؛ أي: قال مالك في روايته: "مضمض، واستنثر" بدل قول خالد الطّحّان: "فمضمض، واستنشق".

وقوله: (بَدَأ (١) بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ) قال في "الفتح": الظاهر أنه من الحديث، وليس مُدْرجًا من كلام مالك، ففيه حجة على من قال: السنة أن يبدأ بمؤخر الرأس إلى أن ينتهي إلى مقدمه؛ لظاهر قوله: "أقبل، وأدبر"، وَيرُدّ عليه أن الواو لا تقتضي الترتيب، وقد ثبت عند البخاريّ من رواية سليمان بن بلال، عن عمرو بن يحيى بلفظ: "فأدبر بيديه، وأقبل"، فلم يكن في ظاهره حجةٌ؛ لأن الإقبال والإدبار من الأمور الإضافية، ولم يُعَيِّن ما أقبل إليه، ولا ما أدبر عنه، ومخرج الطريقين مُتَّحِدٌ، فهما بمعنى واحد، وعَيَّنَت رواية مالك البداءة بالمقدَّم، فَيُحْمَل قوله: "أقبل" على أنه من تسمية الفعل بابتدائه؛ أي بدأ بقُبُل الرأس، وقيل في توجيهه غير ذلك.

والحكمةُ في هذا الإقبال والإدبار استيعاب جهتي الرأس بالمسح، فعلى هذا يَختصّ ذلك بمن له شَعْرٌ، والمشهور عمن أوجب التعميم أن الأُولى واجبة، والثانية سنة، ومن هنا يتبين ضعف الاستدلال بهذا الحديث على وجوب التعميم. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قاله في "الفتح" من ضعف الاستدلال على وجوب التعميم فيه نظرٌ لا يخفى، فالحقّ أنه يفيد وجوب التعميم؛ لأنه بيان لمجمل الآية كما بيّنه الإمام مالك - رَحِمَهُ اللهُ -، وكذا قوله: "يختصّ بمن له شعر" فيه نظرٌ؛ لأن النصّ ما خصّ رأسًا دون رأس، فتبصّر، ولا تكن أسير التقليد، والله تعالى أعلم.

[تنبيه]: رواية مالك - رَحِمَهُ اللهُ - التي أحالها المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ - هنا على رواية خالد الطحّان - رَحِمَهُ اللهُ -، ساقها الإمام البخاريّ - رَحِمَهُ اللهُ - أيضًا في "صحيحه"، فقال:

(١٨٥) حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: أخبرنا مالك، عن عمرو بن


(١) وفي نسخة: "وبدأ".
(٢) "الفتح" ١/ ٣٥١.