للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[٥٨٠] ( … ) - (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ (١)، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالُوا: حَدَّثنَا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ رَأَى قَوْمًا يَتَوَضَّئُونَ مِنَ الْمِطْهَرَة، فَقَالَ: أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "وَيْلٌ لِلْعَرَاقِيبِ مِنَ النَّارِ").

رجال هذا الإسناد: سبعة:

١ - (وَأَبُو كُرَيْبٍ) هو: محمد بن العلاء الْهَمْدانيّ الكوفيّ، ثقة حافظ [١٠] (ت ٢٤٧) (ع) وهو أحد مشايخ الستّة بلا واسطة، تقدم في "الإيمان" ٤/ ١١٧.

والباقون تقدّموا في هذا الباب، غير قتيبة، فتقدّم في الباب الماضي.

وقوله: (مِنَ الْمِطْهَرَةِ) بكسر الميم، وفتحها، لغتان مشهورتان، ذكرهما ابن السّكّيت، فمن كسرها جعلها اسمًا للإناء المعدّ للتطهر منه، ومن فتحها جعلها موضِعًا تُفعَل فيه الطهارة (٢).

وقوله: (أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ) أي أكملوه، وكأنه رأى منهم تقصيرًا، أو خشيه عليهم.

وقوله: (فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ .. إلخ) فيه ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكنيته، وهو حسنٌ، وذكره بوصف الرسالة أحسن منه، وفيه أنه ينبغي للعالم أن يستدلّ على ما يُفتي فيه، ليكون أوقع في نفس سامعه.

وقوله: (وَيْلٌ لِلْعَرَاقِيبِ مِنَ النَّارِ) "الَعَرَاقيب" - بالفتح -: جمع عُرْقُوب - بضم العين، وسكون الراء - وهي الْعَصَبة التي فوق العَقِب؛ قاله النوويّ - رحمه الله -.

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: "الْعَراقيب": جمع عُرقوب، وهو العصب الغليظ الْمُوتر فوق عقب الإنسان، وعُرقوب الدابّة في رجلها بمنزلة الركبة في يدها، قال الأصمعيّ: وكلُّ ذي أربع فعُرقوباه في رجليه، وركبتاه في يديه.

ومعنى ذلك أن العراقيب تُعَذَّب إن لم تُعَمّم بالغسل.

وهذه الأحاديث كلّها تدلّ على أن فرض الرجلين الغسل، لا المسح، وهو مذهب جمهور السلف، وأئمة الفتوى، وقد حُكي عن ابن عبّاس، وأنس،


(١) وفي نسخة: "قتيبة بن سعيد".
(٢) راجع "شرح النوويّ" ٣/ ١٣١.