للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وذِكرُه - صلى الله عليه وسلم - للجهات المختلفة بحسب من حضره ممن يَعرِف تلك الجهات، فيُخاطب كلّ قوم بالجهة التي يعرفونها، وسيأتي تمام البحث في هذا في موضعه - إن شاء الله تعالى.

(لَهُوَ) اللام لام القسم المحذوف، و"هو" مبتدأ على حذف مضاف: أي لَمَاؤه، وخبره قوله: (أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ الثَّلْجِ) قال الأبيّ رحمهُ اللهُ: كونه أشدّ بياضًا من الثلج حقيقةٌ؛ لأن البياض مقولٌ بالتفاوت. انتهى (١).

(وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ بِاللَّبَنِ) أي حال كونه مخلوطًا، وممزوجًا باللبن، قال الأبيّ رحمهُ اللهُ: معنى "أحلى" هنا أزكى؛ لأن العسل وحده أحلى منه مع اللبن. انتهى (٢).

(وَلَآنِيَتُهُ) أي التي تُسْتَعْمَل لشربه (أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ النُّجُوم، وَإِنِّي لَأَصُدُّ) من باب نصر: أي أمنع (النَّاسَ عَنْهُ) أي الورود إليه للشرب (كمَا يَصُدُّ الرَّجُلُ إِبِلَ النَّاسِ عَنْ حَوْضِهِ") أي مثل ما يمنع الإنسان إبل غيره من الناس التي ليس لها حقّ في الورود إلى حوضه (قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، أَتَعْرِفُنَا يَوْمَئِذٍ؟) أي يوم القيامة (قَالَ: "نَعَمْ) أي أعرفكم (لَكُمْ سِيمَا) جملة من مبتدأ وخبر، مستأنفة استئنافًا بيانيًّا، وهو ما وقع جوابًا عن سؤال مقدّر، تقديره هنا: بأي شيء تعرفنا؟ قال: لكم علامة تتميّزون بها عن غيركم، فقوله: "سيما" بكسر السين المهملة، والقصر، وفي بعض النسخ بالمدّ: العلامة، قال النوويّ رحمهُ اللهُ: "السيما": العلامة، وهي مقصورة، وممدودةٌ، لغتان، ويقال أيضًا: السِّيمِيَاءُ بياء بعد الميم، مع المدّ. انتهى (٣). وقوله: (لَيْسَتْ لِأَحَدٍ مِنَ الْأُمَمِ) جملة في محلّ رفع صفة لـ"سيما"، ثم ذكر ما يُبيِّن به تلك السيما بقوله: (تَرِدُونَ) بفتح أوله، وكسر الراء، من الورود، يقال: وردَ البعيرُ وغيره الماءَ يَرِدُه وُرُودًا، من باب ضرب: بَلَغُه، ووافاه (٤). (عَلَيَّ غُرًّا مُحَجَّلِينَ) منصوبان على الحال كما تقدّم (مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ") تقدّم أنه يَحْتَمِل أن يكون بضمّ الواو للفعل، أو بفتحها للماء، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) "شرح الأبيّ" ٢/ ٢٦.
(٢) "شرح الأبيّ" ٢/ ٢٦.
(٣) "شرح النوويّ" ٣/ ١٣٥.
(٤) "المصباح" ٢/ ٦٥٤.