للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الماء، يتقدّم الواردة، فيُهَيِّيءُ لهم الأَرْسَانَ، والدِّلاء، ويملأُ الْحِيَاض، ويَستقي لهم، وهو فَعَلٌ بمعنى فاعلٍ، مثلُ تَبَعٍ بمعنى تابع، ورجلٌ فَرَطٌ، وقومٌ فَرَطٌ، ورجلٌ فارطٌ، وقومٌ فُرّاط. انتهى باختصار (١).

وقال الحافظ أبو عمر رحمهُ اللهُ: قوله: "وأنا فرطكم على الحوض" فالفَرَط والمتفارط: هو الماشي المتقدم أمامَ القوم إلى الماء، هذا قول أبي عبيدة وغيره، وقال ابن وهب: "أنا فَرَطكم" يقول: أنا أمامكم، وأنتم ورائي، تتبعوني، واستشهد أبو عبيدة وغيره على قوله: الفارط المتقدم إلى الماء بقول الشاعر [من الكامل]:

فَأَثَارَ فَارِطُهُم غَطَاطًا جُثَّمًا … أَصْوَاتُهُ كَتَرَاطُنِ الْفُرْسِ

وقال القطاميّ [من البسيط]:

فَاسْتَعْجَلُونَا وَكَانُوا مِنْ صَحَابَتِنَا … كَمَا تَعَجَّلَ فُرَّاطٌ لِوُرَّادِ

وقال لبيد [من الرمل]:

فَوَرَدْنَا قَبْلَ فُرَّاطِ الْقَطَا … إِنَّ مِنْ وِرْدِيَ تَغْلِيسُ النَّهَلْ

الفارط: السائر إلى الماء، أي أغلس، ومَشَى بليل، والنَّهَل: الشربة الأولى.

وقال آخر [من الرجز]:

وَمَنْهَلٍ وَرَدتُهُ الْتِقَاطَا … لمَ أَلْقَ إِذْ وَرَدتُهُ فُرَّاطَا

إِلَّا الْقَطَا أَوَابِدًا غِطَاطَا (٢)

وقال ابن هرمة [من الكامل]:

ذَهَبَ الَّذِينَ أُحِبُّهُمْ فَرَطًا … وَبَقِيتُ كَالْمَغْمُورِ فِي خَلَفِ

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين مات ابنه إبراهيم: "لولا أنه وَعْدٌ صادق، وأن الماضي فَرَطٌ للباقي"، وقال له أيضًا: "الْحَقْ بِفَرَطنا عثمان بن مظعون".

[تنبيه]: رَوَى حديث: "أنا فرطكم على الحوض" عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - جماعة من أصحابه، منهم ابن مسعود، وجابر بن سمرة، والصُّنابح بن الأعسر،


(١) "لسان العرب" ٧/ ٣٦٦.
(٢) "الأوابد": الطير التي لا تبرح من بلدانها، و"الغِطاط": طير يُشبه القَطَا.