للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التأكيد يرفع المجاز، فيُمكن أن يقال: حقيقة الشأن ما كان فعلًا مقصودًا، وما يُستحبّ فيه التياسر ليس من الأفعال المقصودة، بل هي إما تُرُوكٌ، وإما غير مقصودة، أفاده في "الفتح" (١).

وقال العينيّ رحمه الله: هذا عامّ مخصوص بالأدلّة الخارجيّة. انتهى.

وقال الإمام ابن دقيق العيد رحمه اللهُ: قوله: "في شأنه كلّه" عامّ مخصوص؛ لأن دخول الخلاء، والخروج من المسجد، ونحوهما يُبدأ باليسار. انتهى (٢).

قال الصنعانيّ رحمه الله: قوله: "فإن دخول الخلاء والخروج من المسجد يُبدأ باليسار" هذه من الأمور الدائرة على الألسنة، ويُبحَث عن دليله، فإني لا أعرف فيه حديثًا، وإنما ورد في اليد اليسرى في التخلّي، وحديث عائشة - رضي الله عنهما - عند أحمد، وأبي داود، والطبرانيّ: "كانت يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليمنى لطهوره وطعامه، وكانت يده اليسرى لخلائه، وما كان من الأذى"، وقال الحافظ في "التلخيص": إنه منقطع، قال: ورواه أبو داود من طريق أخرى من حديث حفصة، ورواه أحمد، والحاكم، وابن حبّان، فهذا ما ورد، وقياس الرجل على اليد لا يتمّ هنا. انتهى كلام الصنعانيّ (٣).

قال الجامع عفا الله عنه: أما حديث عائشة - رضي الله عنها - المذكور، فصحيح، كما حقّقه الشيخ الألبانيّ رحمه اللهُ في "صحيح سنن أبي داود" ١/ ٦١ - ٦٥، وكذلك حديث حفصة - رضي الله عنها - صحيح أيضًا، ولفظه: "عن حفصة، زوج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان يجعل يمينه لطعامه، وشرابه، وثيابه، ويجعل شماله لما سوى ذلك".

وحديث حفصة - رضي الله عنها - يصلح للاحتجاج به في مسألة دخول الخلاء، والخروج من المسجد، ونحو ذلك؛ لأن قولها: "يجعل يمينه .. إلخ" عامّ يشمل اليد، والرجل، فليس من باب القياس، كما يراه الصنعانيّ، بل هو من باب الاستدلال بعموم النصّ.

ومما يؤيّد ذلك ما أخرجه الشيخان، وغيرهما عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن


(١) ١/ ٣٢٤.
(٢) "إحكام الأحكام" ١/ ٢١٥.
(٣) "العدّة" ١/ ٢١٥.