وابن جريج، والثوريّ، والأوزاعيّ، فعمن أخذت هذا المذهب؟ قال: قَدم علينا جعفر بن سليمان، فرأيته فاضلًا، حسن الهدي، فأخذت هذا عنه، وقال محمد بن أبي بكر الْمُقَدَّميّ: وجدت عبد الرزاق ما أفسد جعفرًا غيره (١) - يعني في التشيع -. وقال ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين - وقيل له: قال أحمد: إن عبيد الله بن موسى يُرَدُّ حديثه للتشيع - فقال: كان عبد الرزاق، والله الذي لا إله إلا هو أغلى في ذلك منه مائة ضعف، ولقد سمعت من عبد الرزاق أضعاف ما سمعت من عبيد الله، وقال عبد الله بن أحمد: سألت أبي، هل كان عبد الرزاق يتشيع، ويُفْرِطُ في التشيع؟ فقال: أما أنا فلم أسمع منه في هذا شيئًا، وقال عبد الله بن أحمد: سمعت سلمة بن شبيب، يقول: سمعت عبد الرزاق يقول: والله ما انشرح صدري قط أن أُفَضِّل عليًّا على أبي بكر وعمر، رحم الله أبا بكر وعمر وعثمان، من لم يحبهم فما هو مؤمن، وقال: أوثق أعمالي حُبِّي إياهم. وقال أبو الأزهر: سمعت عبد الرزاق يقول: أُفَضِّل الشيخين بتفضيل عليّ إياهما على نفسه، ولو لم يُفَضِّلهما ما فضلتهما، كَفَى بي ازدراءً أن أحب عليًّا، ثم أخالف قوله. وقال أبو حاتم: يُكتَب حديثه، ولا يُحتج به.
وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: كان ممن يخطئ إذا حَدَّث من حفظه على تشيع فيه، وكان ممن جَمَعَ وصَنَّفَ وحَفِظَ وذاكر، وقال الآجريّ عن أبي داود: الْفِرْيَابيّ أحب إلينا منه، وعبد الرزاق ثقة، وقال محمد بن إسماعيل الْفَزَاري: بلغني ونحن بصنعاء أن أحمد ويحيى تركا حديثَ عبد الرزاق، فدَخَلنا غَمٌّ شديدٌ، فوافيت ابن معين في الموسم، فذكرت له، فقال: يا أبا صالح، لو ارتَدَّ عبد الرزاق ما تركنا حديثه. ورُوي عن عبد الرزاق أنه قال: حججت، فمكثت ثلاثة أيام، لا يجيئني أصحاب الحديث، فتعلقت بالكعبة، وقلت: يا رب ما لي أكذاب أنا، أمدلس أنا؟ فرجعت إلى البيت، فجاؤوني، وقال العجلي: ثقة يتشيع، وكذا قال البزار. وقال الذُّهْليّ: كان
(١) وكذا هو في "تهذيب الكمال" ١٨/ ٥٩، وقال المزّيّ معلّقًا عليها: لعله ما أفسد جعفرٌ غيرَه.