للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(بَالَ فِي الْمَسْجِدِ) أي النبويّ، فـ "أل" فيه للعهد الذهنيّ، وفي رواية يحيى بن سعيد التالية: "أن أعرابيًّا قام إلى ناحية المسجد، فبال فيها".

و"المسجد" بكسر الجيم، كالمجلِس، ويجوز فتحها: اسم لموضع السجود، وقيل: بالفتح اسم لمكان السجود، وبالكسر: اسم للموضع المتَّخذ مسجدًا، وحَكَى ابن مكيّ في "تثقيفه" عن غير واحد من أهل اللغة أنه يقال للمسجد مسْيِد بفتح الميم، وبالياء المكسورة بدل الجيم، وهو في الأصل لموضع السجود، ويُطلق في العرف على كلّ مكان مبنيّ للصلاة التي فيها السجود، قاله ابن الملقّن رَحِمَهُ اللهُ (١).

(فَقَامَ إِلَيْهِ بَعْضُ الْقَوْمِ) أي ليزجروه عن إتمام بوله، وفي رواية يحيى المذكورة: "فصاح به الناس"، وفي رواية إسحاق بن أبي طلحة الثالثة: "فقال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مَهْ مَهْ"، وفي رواية للبخاريّ: "فتناوله الناس"، وفي رواية له: "فثار إليه الناس"، وللإسماعيليّ: "فأراد أصحابه أن يمنعوه"، فظهر بهذا أن تناوله كان بالألسنة، لا بالأيدي، قاله في "الفتح" (٢).

(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "دَعُوهُ) أي اتركوه، أمر من وَدَعَ يَدَعُ وَدْعًا: إذا ترك، وأصل المضارع الكسر، ومن ثَمّ حُذفت الواو، ثم فُتِحَ لمكان حرف الحلق، وقد تقدّم تمام البحث فيه (وَلَا تُزْرِمُوهُ") وفي نسخة بحذف العاطف، وهو بفتح التاء، وضمّها، ثلاثيًّا ورباعيًّا، قال في "القاموس": زَرِمَ بولُهُ، ودمعُهُ، وكلامُهُ: انقَطَعَ، كازْرَأَمَّ، وزَرَمَهُ يَزْرِمُهُ - أي من باب ضرب - وأزرمه، وزَرَّمه: قَطَعَهُ، وأزرمه: قطع عليه بوله. انتهى (٣).

والمعنى هنا: لا تقطعوا عليه بوله، وإنما أمرهم بتركه؛ لأنه كان شرع في المفسدة، فلو مُنِعَ لزادت؛ إذ حَصَل تلويث جزء من المسجد، فلو مُنِعَ لدار بين أمرين: إما أن يَقطعه، فيتضررَ، وإما أن لا يقطعه، فلا يأمن من تنجيس بدنه، أو ثوبه، أو مواضع أخرى من المسجد، قاله في "الفتح" (٤).


(١) "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" ١/ ٦٩٤.
(٢) ١/ ٣٨٧.
(٣) "القاموس المحيط" ص ١٠٠٧.
(٤) ١/ ٣٨٦.