للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في "الروضة" تبعًا لأصلها أنه لم يَطْعَم ولم يَشْرَب غير اللبن، وقال في "نكت التنبيه": المراد أنه لم يأكل غير اللبن، وغير ما يُحَنَّك به، وما أشبهه، وحَمَل الموفق الحمويّ في "شرح التنبيه" قوله: "لم يأكل" على ظاهره، فقال: معناه لم يَستَقِلّ بجعل الطعام في فيه، والأول أظهر، وبه جزم الموفَّق ابن قُدَامة وغيره.

وقال ابن التين: يَحْتَمِل أنها أرادت أنه لم يَتَقَوَّت بالطعام، ولم يَستغن به عن الرضاع، ويَحْتَمل أنها إنما جاءت به عند ولادته ليحنكه - صلى الله عليه وسلم -، فيُحْمَل النفي على عمومه. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: عندي الاحتمال الأول أرجح؛ ويؤيّده ما في قصّة الحسن - رضي الله عنه -، ففيه أنه "أتى إلى النبيّ - صلي الله عليه وسلم -، وهو يَحْبُو، وهو - صلى الله عليه وسلم - نائم، فصَعِدَ على بطنه، ووضع ذكره في سُرّته، فبال … " الحديث، فإنه في مثل هذا الوقت سبق له التحنيك بالتمر، ونحوه، مما جرت به العادة، فيدلّ على أن مثل ذلك من الطعام لا يضرّ، فيُنضح بوله، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

(فَوَضَعَتْهُ)، أي وضعت أم قيس ذلك الصبيّ (فِي حِجْرِهَ) أي حِضنه - صلى الله عليه وسلم -، وتقدّم في الحديث الماضي ضبطه، ومعناه (فَبَالَ) ذلك الصبيّ (قَالَ) الراوي، والظاهر أنه عبيد الله الراوي عن أم قيس، كما يدلّ عليه قوله الآتي: "قال عبيد الله: أخبرتني أن ابنها ذاك بال في حجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " (فَلَمْ يَزِدْ) - صلى الله عليه وسلم - (عَلَى أَنْ نَضَحَ بِالْمَاءِ) "أن" مصدريّة، والمصدر المؤوّل مجرور بـ "على" أي على نضحه بالماء، أي رشّه عليه، قال الفيّوميّ: نَضَحتُ الثوب نَضْحًا، من باب ضربَ، ونَفَعَ، وهو الْبَل، والرّشّ، "ويُنْضَحُ من بول الغلام": أي يُرشُّ، ونَضحَ الفرسُ: عَرِقَ، ونَضَحَ الْعَرَقُ: خَرَجَ، وانتضح البول على الثوب: ترشّش. انتهى (٢).

وقال في "العمدة": قال ابن سِيدَهْ: نَضَحَ الماءَ عليه يَنضَحُهُ نَضْحًا: إذا ضربه بشيء، فأصابه منه رَشَاشٌ، ونَضحَ عليه الماء: رَشَّ، وقال ابن الأعرابيّ: النَّضْحُ ما كان على اعتماد، والنضخ - بالخاء المعجمة - ما كان


(١) "الفتح" ١/ ٣٩٠.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٦٠٩.