الصحابة، والراوي لذلك صحابيّ أدرك تلك الواقعة، فهي محكوم لها بالاتصال، وإن لم يُعْلَم أنه شاهدها، وإن لم يُدْرِك تلك الواقعة، فهو مرسل صحابيّ، وإن كان الراوي تابعيًّا، فهو منقطع، وإن روى التابعيّ عن الصحابيّ قصةً أدركَ وقوعها فمتصلٌ، وكذا إن لم يُدرك وقوعها، ولكن أسندها له، وإلا فمنقطعة، وقد حَكَى ابنُ الْمَوَّاق اتفاقَ أهل التمييز من أهل الحديث على ذلك.
وما نُقل عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى أن "عَن"، و"أنّ " ليسا سواءً مُنَزَّلٌ على هذه القاعدة، فقد روى الخطيب البغداديّ في "الكفاية" بسنده إلى أبي داود، قال: سمعت أحمد قيل له: إن رجلًا قال: قال عروة: إن عائشة قالت: يا رسول الله، وعن عروة، عن عائشة سواءٌ؟ قال أحمد: كيف هذا سواءٌ؟ ليس هذا بسواء.
وإنما فرّق أحمد رحمه الله تعالى بين اللفظين؛ لأن عروة في اللفظ الأول لم يُسنِد ذلك إلى عائشة، ولا أدرك القصة، فكانت مرسلةً، وأما اللفظ الثاني فأَسنَدَ ذلك إليها بالعنعنة، فكانت متصلة. هكذا حقّق القاعدة الحافظ العراقيّ رحمه الله تعالى (١).
وإلى هذا أشار السيوطيّ رحمه الله تعالى في "ألفية الحديث"، حيث قال:
(عَنْ أَبي مَعْبَدٍ) - بفتح الميم، وسكون المهملة، وفتح الموحّدة - واسمه نافذ - بالنون، والفاء، والذال المعجمة - وضبطه بعضهم بالدال المهملة، وفي رواية للبخاريّ في "كتاب التوحيد" من طريق إسماعيل بن أميّة، عن يحيى، أنه سمع أبا معبد يقول: سمعت ابن عباس يقول … (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) - رضي الله عنهما - (عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ) - رضي الله عنه - (قَالَ أَبُو بَكْرٍ) أي ابن أبي شيبة الشيخ الأول للمصنّف في