للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واحتَلَمَ، وتحلَّمَ، وانْحَلَمَ، وتَحَلَّم الْحُلْمَ: استعمله، والْحُلْم بالضمّ، والاحتلام: الجماع في النوم، والاسم الْحُلُمُ كَعُنُقٍ. انتهى (١).

(فِي ثَوْبَيَّ) متعلّق بـ"احتَلمت"، وهو بصيغة التثنية.

والمعنى: أنه رأى في نومه أنه يُجامع امرأةً، فأنزل في ثوبيه اللذين لبسهما في نومه.

(فَغَمَسْتُهُمَا) من باب ضرب: أي أدخلت الثوبين (فِي الْمَاءِ)، لغسلهما، والظاهر أنه غمس الثوبين بكمالهما، ولم يكتف بغمس مكان الإصابة منهما، (فَرَأتنِي جَارِيَةٌ)، أي أمة، سمّيت جاريةً؛ لأنها تجري مسخَّرةً في أشغال مواليها، والأصل فيها الشابّة، لخفّتها، ثم توسّعوا حتى سمّوا كلّ أمة جاريةً، وإن كانت عجوزًا لا تقدِرُ على السعي؛ تسميةً بما كانت عليه، والجمع الجَوَاري (٢). (لِعَائِشَةَ) - رضي الله عنها - (فَأَخْبَرَتْهَا)، أي بما صنعه في ثوبيه (فَبَعَثَتْ إِلَيَّ عَائِشَةُ) - رضي الله عنها - (فَقَالَتْ: مَا حَمَلَكَ) "ما" استفهاميّة، و"حمل" من باب ضرب: بمعنى أغرى، يقال: حمله على الأمر يحمله، فانحَمَلَ: أغراه به (٣)، أي: أيُّ شيء أغراك (عَلَى مَا صَنَعْتَ بِثَوْبَيْكَ؟)، أي من غمسهما في الماء (قَالَ) عبد الله بن شهاب: (قُلْتُ: رَأَيْتُ مَا يَرَى النَّائِمُ فِي مَنَامِهِ) أراد به رؤيا الجماع، لا رؤيا مطلقًا، وهذا أدب رفيعٌ في التعبير عما يُستَهْجَن (قَالَتْ) عائشة - رضي الله عنها -: (هَلْ رَأَيْتَ فِيهِمَا شَيْئًا؟) أرادت بالشيء المنيّ، والمعنى: هل رأيت في ثوبيك بلل المنيّ، أو جِرْمه، أو أثره؟ قال عبد الله: (قُلْتُ: لَا)، أي لم أر فيهما شيئًا (قَالَتْ: فَلَوْ رَأَيْتَ شَيْئًا غَسَلْتَهُ). قال النوويّ - رحمه الله -: هو استفهام إنكار، حُذفت منه الهمزة، تقديره: أكنت غاسله معتقدًا وجوب غسله؟ وكيف تفعل هذا، وقد كنت أحُكّه من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يابسًا بظفري؟ ولو كان نجسًا لم يتركه النبيّ - صلي الله عليه وسلم -، ولم يَكتف بحكّه. انتهى (٤).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قاله النوويّ من كون الكلام استفهامًا فيه نظر لا يخفى، فتأمله، والله تعالى أعلم.


(١) "القاموس المحيط" ص ٩٨٨ - ٩٨٩.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ٩٨.
(٣) "القاموس المحيط" ص ٨٨٨.
(٤) "شرح النوويّ" ٣/ ١٩٨.