وكانت تُلَقَّب ذات النطاقين، قال أبو عمر: سماها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنها هَيَّأَت له لَمّا أراد الهجرة سُفْرَةً، فاحتاجت إلى ما تَشُدُّها به، فشَقَّت خمارها نصفين، فشدت بنصفه السُّفْرة، واتخذت النصف الآخر مِنطَقًا، قال كذا ذكر ابن إسحاق وغيره، وأصل القصة في "صحيح مسلم" دون التصريح برفع ذلك إلى النبيّ - صلي الله عليه وسلم -، وقد أسند ذلك أبو عمر من طريق أبي نَوْفل بن أبي عَقْرب قال: قالت أسماء للحجاج: كيف تُعَيّره - تعني ابنها عبد الله - بذات النطاقين؟ أَجَلْ قد كان لي نطاق، لا بد للنساء منه، ونطاق أُغَطّي به طعام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وقال ابن سعد: أخبرنا أبو أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، وفاطمة بنت المنذر، عن أسماء، قال:"صَنَعْت سُفْرةً للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - في بيت أبي بكر، حين أراد أن يهاجر إلى المدينة، فلم نَجِد لسُفْرته ولا لسقائه ما نَرْبِطهما به، فقلت لأبي بكر: ما أجد إلا نطاقي، قال: شُقِّيه باثنين، فاربطي بواحد منهما السقاء، وبالآخر السفرة"، وسنده صحيح.
وبهذا السند عن عروة، عن أسماء، قالت: تزوجني الزبير، وما له في الأرض مال، ولا مملوك، ولا شيء غير فرسه، قالت: فكنت أَعْلِف فرسه، وأكفيه مؤنته، وأسوسه وأَدُقّ النَّوَى لناضحه، وكنت أَنقُل النوى من أرض الزبير … " الحديث، وفيه: حتى أرسل إليّ أبو بكر بعد ذلك خادمًا، فكفتني سياسة الفرس، قال: وقال الزبير بن بكار في هذه القصة: قال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أبدلك الله بنطاقك هذا نطاقين في الجنة"، فقيل لها: ذات النطاقين.
رَوَت أسماء عن النبيّ - صلي الله عليه وسلم - عِدّة أحاديث، وهي في "الصحيحين"، و"السنن"، رَوَى عنها ابناها: عبد الله، وعروة، وأحفادها: عباد بن عبد الله، وعبد الله بن عروة، وفاطمة بنت المنذر بن الزبير، وعباد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير، ومولاها عبد الله بن كيسان، وابن عباس، وصفية بنت شيبة، وابن أبي مليكة، ووهب بن كيسان، وغيرهم.
وأخرج ابن السكن من طريق أبي المُحياة يحيى بن يعلى التيمي، عن أبيه، قال: دخلت مكة بعد أن قُتل ابن الزبير، فرأيته مصلوبًا، ورأيت أمه أسماء عجوزًا طوالة، مكفوفةً، فدخلتْ حتى وقفت على الحجاج، فقالت: أما