للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي رواية ابن ماجه: "بقبرين جديدين".

وفي رواية البخاريّ من طريق منصور، عن مجاهد: "مَرَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بحائط من حِيطان المدينة، أو مكة"، أي بستان، وله في "كتاب الأدب": "خَرَجَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من بعض حِيطان المدينة".

قال في "الفتح": فيحمل على أن الحائط الذي خَرَج منه غير الحائط الذي مَرَّ به، وفي الأفراد للدارقطنيّ من حديث جابر - رضي الله عنه - أن الحائط كان لأمّ مبشر الأنصارية، وهو يُقَوِّي رواية "الأدب"؛ لجزمها بالمدينة، من غير شك، والشك في قوله: "أو مكة" من جرير (١). انتهى (٢).

[تنبيه]: وقع في رواية البخاريّ: "فسمع صوت إنسانين يُعَذَّبان في قبورهما"، قال ابن مالك في قوله: "صوت إنسانين" شاهد على جواز إفراد المضاف المثنى مَعْنًى، إذا كان جزء ما أضيف إليه من دليل اثنين، نحو: أكلتُ رأس شاتين، وجمعه أجود، نحو: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: ٤]، والتثنية مع أصالتها قليلة الاستعمال، وقد اجتمع التثنية والجمع في قول الراجز:

وَمَهْمَهَيْنِ قَذَفَيْنِ مَرْتَيْن … ظَهْرَاهُمَا مِثْلُ ظُهُورِ التُّرْسَيْنْ (٣)

فإن لم يكن المضاف جزء ما أضيف إليه فالأكثر مجيئه بلفظ التثنية، نحو سَلَّ الزيدان سيفيهما، فإن أُمِن اللبس جاز جعل المضاف بلفظ الجمع، وفي "يُعذّبان في قبورهما" شاهد على ذلك. انتهى كلام ابن مالك رحمه الله (٤).

(فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - لَمّا سمع صوتًا من داخلهما ("أَمَا) أداة استفتاح وتنبيه، كـ"أَلَا" (إِنَّهُمَا) أي من فيهما من المقبور (لَيُعَذَّبَانِ) أي يعاقبان، يقال: عَذّبته تعذيبًا: إذا عاقبته، والاسم العذاب، وأصله في كلام العرب: الضرب، ثم استُعمل في كلّ عقوبة مؤلمة، واستُعير للأمور الشاقّة، فقيل: السفرُ قطعةٌ من العذاب (٥).


(١) هو جرير بن عبد الحميد الراوي عن منصور.
(٢) "الفتح" ١/ ٣٧٩.
(٣) وصف فلاتين لا نبت فيهما، ولا شخص يُستدلّ به، فشبّههما بالترسين.
و"المهمه": القفر، و"الْقَذَف": البعيد، و"الْمَرْتُط: التي لا تُنبِت.
(٤) "شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح" ص ١٩٩ - ٢٠٠.
(٥) "المصباح المنير" ٢/ ٣٩٨.