للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

محيصن: {فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ} الآية [البقرة: ٢٨٣] بالتشديد، قاله في "الفتح" (١).

وقال العينيّ رحمه اللهُ عند شرح قولها "فأتَّزِر" ما نصّه: بفتح الهمزة، وتشديد التاء المثناة من فوقُ وأصله ائتزر بالهمزتين، أولاهما مفتوحة، والثانية ساكنة؛ لأن أصله من أَزَرَ، فنُقل إلى باب افتعل، فصار ائتزر يَأْتَزِرُ، وكذا استُعمِل من غير إدغام في حديث آخر، وهو: "كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يباشر بعض نسائه، وهي مؤتزرة في حالة الحيض"، وقال ابن الأثير: وقد جاء في بعض الروايات: وهي مُتَّزِرة، وهو خطأ؛ لأن الهمزة لا تُدْغَم في التاء.

قال العينيّ: فعلى هذا ينبغي أن يقرأ فآتَزِر بالمد؛ لأن الهمزتين إذا اجتمعتا، وكانت الأولى متحركة، والثانية ساكنة، أُبدلت الثانية حرف علة من جنس حركة الأولى، فتبدل ألفًا بعد الفتحة، فكذلك ها هنا؛ لأن أصله أَأْتَزِر، بهمزتين الأولى متحركة، والثانية ساكنة، فأُبدلت الثانية ألفًا، فصار آتزر بالمد.

وقال ابن هشام: وعوامّ المحدثين يُحَرِّفونه، فيقرؤونه بألف وتاء مشددة، ولا وجه له؛ لأنه افتَعَل من الإزار، ففاؤه همزة ساكنة، بعد همزة المضارعة المفتوحة، وكذا الزمخشري أنكر الإدغام.

وقال الكرمانيّ: فإن قلت: لا يجوز الإدغام فيه عند التصريف، قال صاحب "المفصل": قول من قال: "اتَّزر" خطأ.

قلت: قول عائشة، وهي من فصحاء العرب حجة في جوازه، فالْمُخَطِّئ مخطئٌ.

قال العينيّ: إنما يصح ما ادعاه إذا ثبت عن عائشة أنها قالت بالإدغام، فلم لا يجوز أن يكون هذا خطأً مثل ما قال معظم أئمة هذا الشأن، ويكون الخطأ من بعض الرواة، أو من عوامّ المحدثين، لا من عائشة رضي الله تعالى عنها؟. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: أشار ابن مالك رحمه اللهُ إلى أن الإدغام المذكور شاذّ في "الخلاصة" بقوله:

ذُو اللِّينِ فَاتَا فِي افْتِعَالٍ أُبْدِلَا … وَشَذَّ فِي ذِي الْهَمْزِ نَحْوُ "ائْتَكَلَا"


(١) "الفتح" ١/ ٤٨١.
(٢) "عمدة القاري" ٣/ ٣٩٤.