للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

غيرُ واحد، فعلى هذا تصحّ الروايتان، وأصل ذلك كلّه من خروج الدم، وهو المسمّى نَفْسًا، كما قال الشاعر [من الطويل]:

تَسِيلُ عَلَى حَدِّ السُّيُوفِ نُفُوسُنَا … وَلَيْسَ عَلَى غَيْرِ الظُّبَاتِ تَسِيلُ

انتهى كلام القرطبيّ - رحمه الله - (١).

وقال الفيّوميّ - رحمه الله -: نُفِسَت المرأةُ بالبناء للمفعول، فهي نُفَساءُ، والجمع نِفَاسٌ بالكسر، ومثلُهُ عُشَرَاءُ وعِشَار، وبعض العرب يقول: نَفِسَت تَنْفَسُ، من باب تَعِبَ، فهي نافسٌ، مثلُ حائض، والولد منفوسٌ، والنِّفَاسُ بالكسر أيضًا اسم من ذلك، ونَفِسَت تَنْفَسُ، من باب تَعِبَ: حاضت، ونُقِل عن الأصمعيّ: نُفِست بالبناء للمفعول أيضًا، وليس بمشهور في الكتب في الحيض، ولا يقال في الحيض نُفِست بالبناء للمفعول، وهو من النفس، وهو الدم، ومنه قولهم: لا نفسَ له سائلةٌ، أي لا دم له يَجري، وسُمّي الدم نفسًا؛ لأن النفس التي هي اسم لجملة الحيوان قِوَامها بالدم، والنُّفساء من هذا. انتهى (٢).

(قُلْتُ: نَعَمْ) أي حِضتُ، لأن "نعم" - بفتحتين - معناها التصديق، إن وقعت بعد الماضي، كهذا الحديث، وكنحو هل قام زيد؟، وإن وقعت بعد المستقبل، نحو تقوم، فمعناها الوعدُ، وقد تقدّم تمام البحث فيها في "شرح المقدّمة"، فراجعه تستفد، وبالله تعالى التوفيق.

(فَدَعَانِي) أي طلبني، وناداني - صلى الله عليه وسلم - لأنام معه؛ لأن الحيض ليس مانعًا من ذلك (فَاضْطَجَعْتُ مَعَهُ) أي نِمْتُ مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، يقال: ضَجَعَ ضَجْعًا، من باب نَفَعَ، وضُجُوعًا، وضَجَعْتُ جنبي بالأرض، وأضجعتُ بالألف لغةٌ، فأنا ضاجعٌ، ومُضْجِعٌ، وأضجعت فلانًا بالألف لا غير: ألقيته على جنبه، واضطجعتُ افتعالٌ منه، أُبدلت تاؤه طاءً على القاعدة التي مرّت في "مُضْطجعة"، ومن العرب من يقول: اضَّجَعَ، فيقلب التاء ضادًا، ويُدغمها في الضاد؛ تغليبًا للحرف الأصليّ، وهو الضاد، ولا يقال: اطَّجَعَ بطاء مشدّدة؛ لأن الضاد لا تُدغم في الطاء؛ لكونها أقوى منها، والحرف لا يُدغم في


(١) "المفهم" ١/ ٥٥٧.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٦١٧.