(المسألة الرابعة): لم يقع في رواية المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ - ذكر عدد نسائه - صلى الله عليه وسلم - اللاتي جمعهنّ في ذلك الوقت، وقد وقع عند البخاريّ: من طريق معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة، عن أنس - رضي الله عنه - قال:"كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار، وهنّ إحدى عشرة"، ومن طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، أن أنسًا - رضي الله عنه - حدّثهم:"تسع نسوة". انتهى.
قال في "الفتح": وقد جمع ابنُ حبان: في "صحيحه" بين الروايتين بأَنْ حَمَل ذلك على حالتين، لكنه وَهِمَ في قوله: إن الأولى كانت في أول قدومه المدينة، حيث كان تحته تسع نسوة، والحالة الثانية في آخر الأمر، حيث اجتمع عنده إحدى عشرة امرأة، وموضع الْوَهَمِ منه، أنه - صلى الله عليه وسلم - لَمّا قَدِمَ المدينة لم يكن تحته امرأة سوى سودة، ثم دخل على عائشة بالمدينة، ثم تزوج أم سلمة، وحفصة، وزينب بنت خزيمة في السنة الثالثة، أو الرابعة، ثم تزوج زينب بنت جَحْش في الخامسة، ثم جويرية في السادسة، ثم صفية وأم حبيبة وميمونة في السابعة، وهؤلاء جميعُ من دخل بهن من الزوجات بعد الهجرة على المشهور.
واختُلِف في رَيحانة، وكانت من سبي بني قريظة، فجزم ابن إسحاق بأنه عَرَض عليها أن يتزوجها، ويضرب عليها الحجاب فاختارت البقاء في ملكه، والأكثر على أنها ماتت قبله في سنة عشر، وكذا ماتت زينب بنت خزيمة بعد دخولها عليه بقليل، قال ابن عبد البر: مكثت عنده شهرين أو ثلاثة، فعلى هذا لم يجتمع عنده من الزوجات أكثر من تسع، مع أن سودة كانت وهبت يومها لعائشة، كما سيأتي في مكانه، فرَجَحت رواية سعيد بن أبي عروبة، لكن تُحْمَل رواية هشام الدستوائيّ على أنه ضَمّ مارية وريحانة إليهنّ، وأطلق عليهن لفظ نسائه تغليبًا.
وقد سَرَد الدمياطي في السيرة التي جمعها مَن اطَّلَع عليه من أزواجه، ممن دخل بها، أو عَقَد عليها فقط، أو طلَّقها قبل الدخول، أو خطبها ولم يعقد عليها، فبلغت ثلاثين، وفي "المختارة" من وجه آخر، عن أنس:"تزوج خمس عشرة، دخل منهن بإحدى عشرة، ومات عن تسع"، وسرد أسماءهنّ أيضًا أبو الفتح اليعمريّ، ثم مغلطاي، فزدن على العدد الذي ذكره الدمياطي، وأنكر ابن القيم ذلك، والحقّ أن الكثرة المذكورة محمولة على اختلاف في