للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأما مسافع بن عبد الله فقد رَوَى عنه جماعة، كما أسلفناهم آنفًا في ترجمته، وحديثه عند مسلم، وأبي داود، والترمذيّ، وجعله في "التقريب" من الطبقة الثالثة.

والحاصل أن ما وقع في سند المصنّف من قوله: "مسافع بن عبد الله"، هو الصواب، فتفطّن، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

وقولها: (أَنَّ امْرَأَةً) تقدّم أنها أم سُليم، والدة أنس - رضي الله عنها -، ويحتمل أن تكون غيرها.

وقولها: (وَأَبْصَرَتِ الْمَاءَ؟) وفي نسخة: "فأبصرت" بالفاء، وهذه الرواية تبيّن أن المراد بقولها في الروايات السابقة: "إذا رأت الماء" الرؤية البصريّة، لا العلميّة، كما ظنّه بعضهم.

وقولها: (وَأُلَّتْ) - بضم الهمزة، وفتح اللام المشدّدة، وإسكان التاء - هكذا الرواية فيه، ومعناه: أصابتها الأَلَّةُ - بفتح الهمزة، وتشديد اللام - وهي الْحَرْبة، وأنكر بعض الأئمة هذا اللفظ، وزَعَم أن صوابه أَلِلْتِ بلامين: الأولى مكسورة، والثانية ساكنة، وبكسر التاء، وهذا الإنكار فاسد، بل ما صَحّت به الرواية صحيح، وأصله أُلِلَتْ، بكسر اللام الأولى، وفتح الثانية، وإسكان التاء، كرُدَّت، أصله رُدِدَت، ولا يجوز فكّ هذا الإدغام إلا مع المخاطب، وإنما وَحَّد أُلَّت مع تثنية "يداك"؛ لوجهين: أحدهما أنه أراد الجنس، والثاني صاحبة اليدين، أي وأصابتكِ الأَلَّةُ، فيكون جمعًا بين دعاءين، قاله النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ - (١).

وقال ابن الأثير: "أُلّت"، أي صاحت (٢) لِمَا أصابها من شدّة هذا الكلام، ورُوي بضمّ الهمزة مع التشديد، أي طُعِنت بالأَلَّة، وهي الحربة العريضة النَّصْل، وفيه بُعْدٌ؛ لأنه لا يلائم لفظ الحديث. انتهى (٣).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي استبعده ابن الأثير ليس كما زَعَم، بل


(١) "شرح النوويّ" ٣/ ٢٢٥ - ٢٢٦.
(٢) الضمير لعائشة - رضي الله عنها -، أي: صاحت عائشة.
(٣) "النهاية" ١/ ٦١ - ٦٢.