للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عنه، والراجح قول الجمهور، وقد حقّقت المسألة بأدلتها في "شرح النسائيّ"، فراجعه (١) تستفد، وبالله تعالى التوفيق.

٤ - (ومنها): ما قال ابن دقيق العيد - رَحِمَهُ اللهُ -: لا شكّ في استحباب تقديم الوضوء على الغسل، نعم يقع البحث في أن هذا الغسل لأعضاء الوضوء، هل هو وضوء حقيقةً، فيُكتفى به عن غسل هذه الأعضاء للجنابة، فإن موجب الطهارتين بالنسبة إلى هذه الأعضاء واحد، أو يقال: إن غسل هذه الأعضاء إنما هو عن الجنابة، وإنما قُدّمت على بقيّة الجسد تكريمًا لها وتشريفًا، ويَسقُط غسلها عن الوضوء باندراج الطهارة الصغرى تحت الكبرى، فقد يقول قائلٌ: قولها: "وضوءَ الصلاة" مصدرٌ مشبّهٌ به، وتقديره: وُضوءًا مثل وضوئه للصلاة، فيلزم أن تكون هذه الأعضاء المغسولة مغسولة عن الجنابة، لأنها لو كانت مغسولة عن الوضوء حقيقةً، لكان قد توضّأ عين الوضوء للصلاة، فلا يصحّ التشبيه؛ لأنه يقتضي تغاير المشبّه والمشبّه به، فإذا جعلناها مغسولة للجنابة صحّ التغاير، وكان التشبيه في الصورة الظاهرة.

وجوابه بعد تسليم كونه مصدرًا مشبّهًا به من وجهين:

[أحدهما]: أن يكون شُبّه الوضوء الواقع في ابتداء غسل الجنابة بالوضوء للصلاة في غير غسل الجنابة، والوضوءْ بقيد كونه في غسل الجنابة مغايرٌ للوضوء بقيد كونه خارجًا عن غسل الجنابة، فيحصُلُ التغاير الذي يقتضي صحّة التشبيه، ولا يلزم منه عدم كونه وضوءًا للصلاة حقيقةً.

[الثاني]: لما كان وضوء الصلاة له صورة معنويّة ذهنيّة، شُبّه هذا الفرد الذي وقع في الخارج بذلك المعلوم في الذهن، كأنه يقال: أوقع في الخارج ما يُطابق الصورة الذهنيّة لوضوء الصلاة. انتهى (٢).

٥ - (ومنها): استحباب تخليل الشعر، ويكون ذلك بمجموع الأصابع العشر؛ لظاهر قولها: "فيُدخل أصابعه في أصول الشعر"، وفي رواية: "ثم يُخلّل شعره بيديه".


(١) راجع: "ذخيرة العقبى في شرح المجتبى" ٤/ ٣١٣.
(٢) "إحكام الأحكام" ١/ ٣٧٢ - ٣٧٤.