للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في الحفظ ما لا يَثبُت بالقول. انتهى (١).

وقال الحافظ رحمه الله: ولَمّا كان السؤال محتملًا للكيفية والكمية، فأتت لهما بما يَدُلُّ على الأمرين معًا، أما الكيفية فبالاقتصار على إفاضة الماء، وأما الكمية فبالاكتفاء بالصاع. انتهى (٢).

واعترضه العينيّ بما فيه نظرٌ، ولذا تركت ذكره (٣).

(قَالَ) أبو سلمة: (وَكانَ أَزْوَاجُ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - يَأْخُذْنَ مِنْ رُءُوسِهِنَّ) "من" تبعيضيّة، أي بعض شعور رءوسهنّ (حَتَّى تَكونَ كَالْوَفْرَةِ) بفتح الواو، وسكون الفاء: شعرُ الرأس إذا وصل الأذنين، قاله ابن الأثير رحمه الله (٤).

وقال الفيّوميّ رحمه الله: "الوَفْرةُ": الشعرُ إلى الأذنين؛ لأنه وَفَرَ على الأذن: أي تَمّ عليها، واجتَمَعَ. انتهى (٥).

وقال القاضي عياضٌ رحمه الله: في هذا دليلٌ على ما قلناه من رؤيتهما ذلك منها، ولا بأس لذي المحرَم أن يرى شعر ذات المحرَمِ منه، وما فوقَ جبينها عند العلماء، إلا ما وقع لابن عبّاس - رضي الله عنها - من كراهة ذلك، قال: وفيه دليلٌ على جواز تحذيف النساء لشعورهنّ، وجواز اتّخاذهنّ الْجُمَمَ، وقد كان للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - جُمّةٌ.

و"الْوَفْرَةُ": أشبع من الْجُمَّة، و"اللِّمَّةُ": ما أَلَمَّ بالمنكبين من شعر الرأس دون ذلك، قاله الأصمعيّ، وقال غيره: الوَفْرة: أقلّها، وهي التي لا تُجاوز الأذنين، والْجُمّة: أكبر منها، واللِّمَّةُ: ما طال من الشعر، وقال أبو حاتم: الوَفْرة: ما غَطَّى الأذنين من الشعر، والمعروف أن نساء العرب إنما كُنّ يتّخذن القرون والذوائب، ولعلّ أزواج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فَعَلْنَ هذا بعد موته؛ لتركهنّ التزيّن، واستغنائهنّ عن تطويل الشعور لذلك، وتخفيفًا لمؤونة رؤوسهنّ. انتهى (٦).

وقال النوويّ بعد نقل كلام عياض رحمه الله هذا ما نصّه: وهذا الذي قاله القاضي عياض من كونهنّ فعلنه بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم -، لا في حياته، كذا قاله أيضًا


(١) "شرح النوويّ" ٤/ ٤.
(٢) "الفتح" ١/ ٤٣٤.
(٣) راجع: "عمدة القاري" ٣/ ٢٩٤.
(٤) ٥/ ٢١٠.
(٥) "المصباح المنير" ٢/ ٦٦٧.
(٦) "إكمال المعلم" ٢/ ١٦٣ - ١٦٤.