للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال البيهقيّ، وابن الصّبّاغ وغيرهما من أصحابنا: التَّرِيَّةُ رطوبة خفيفةٌ، لا صفرة فيها ولا كدرة، تكون على القطنة أثرًا لا لون، قالوا: وهذا يكون بعد انقطاع دم الحيض.

قال النوويّ: التَّرِيّة - بفتح التاء المثناة من فوقُ، وكسر الراء، وبعدها ياء مثناةٌ من تحتُ مشددة -.

وقد ذكره البخاريّ في "صحيحه" عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت للنساء: "لا تَعْجَلْنَ حتى تَرَيْنَ القَصَّة البيضاء"، تريد بذلك الطهر.

و"القَصّة" - بفتح القاف، وتشديد الصاد المهملة - وهي الْجِصّ شُبِّهت الرطوبة النقية الصافية بالجِصّ.

قال أصحابنا: إذا مَضَى زمن حيضتها وجب عليها أن تغتسل في الحال لأول صلاة تُدركها، ولا يجوز لها أن تترك بعد ذلك صلاةً، ولا صومًا، ولا يمتنع زوجها من وطئها، ولا تمتنع من شيء يفعله الطاهر، ولا تستظهر بشيء أصلًا، وعن مالك: رواية أنها تستظهر بالإمساك عن هذه الأشياء ثلاثة أيام بعد عادتها. انتهى كلام النوويّ رحمه الله (١).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي نسبه النوويّ إلى مالك رحمه الله إن صحّ عنه، فمما لا وجه له؛ لمخالفته النص الصريح؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "وإذا أدبرت فصلّي"، فأوجب عليها الصلاة بمجرد انقطاع الحيض، ولم يجعل عليها شيئًا تستظهر به لا ساعةً، ولا أقلّ منها، فضلًا عن ثلاثة أيام، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

(فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ، وَصَلِّي")، أي بعد الاغتسال، كما صرّح به في الرواية الآتية حيث قال: "فاغتسلي، ثم صلّي".

[تنبيه]: وقع الاختلاف بين أصحاب هشام بن عروة في هذا الحديث، فمنهم مَن ذَكَر غسل الدم، ولم يذكر الاغتسال، كوكيع هنا، ومنهم مَن ذَكَر الاغتسال، ولم يذكر الغسل، كابن شهاب في رواياته الآتية، وكلهم ثقات،


(١) "شرح النوويّ" ٤/ ٢٢.