للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثنا هناد بن السريّ، عن عبدة بن سليمان، عن محمد بن إسحاق، عن الزهريّ، عن عروة، عن عائشة: "أن أم حبيبة بنت جحش استُحيضت في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأمرها بالغسل لكل صلاة".

حدثنا عبد الله بن ربيع، ثنا عمر بن عبد الملك الخولانيّ، ثنا محمد بن بكر، ثنا أبو داود، ثنا وهب بن بقية، ثنا خالد بن إسماعيل، عن سهيل بن أبي صالح، عن الزهريّ، عن عروة بن الزبير، عن أسماء بنت عُميس، قالت: يا رسول الله إن فاطمة بنت أبي حبيش استُحيضت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لتغتسل للظهر والعصر غسلًا واحدًا، وتغتسل للمغرب والعشاء غسلًا واحدًا، وتغتسل للفجر غسلًا، وتتوضأ فيما بين ذلك".

قال ابن حزم: فهذه آثار في غاية الصحة، رواها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربع صواحب: عائشة أم المؤمنين، وزينب بنت أم سلمة (١)، وأسماء بنت عُميس، وأم حبيبة بنت جحش، ورواها عن كلّ واحدة، من عائشة، وأم حبيبة عروة، وأبو سلمة، ورواه أبو سلمة عن زينب بنت أم سلمة، ورواه عروة عن أسماء. انتهى كلام ابن حزم باختصار (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تقدّم في رواية البيهقيّ أنه ثابت أيضًا من رواية ابن الهاد، عن أبي بكر بن محمد، عن عمرة، عن عائشة - رضي الله عنها -، وقد أجاد البحث في هذا الشيخ الألباني رحمه الله في "صحيح أبي داود"، فراجعه (٣).

والحاصل أن الحديث في أمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بغسل المستحاضة لكلّ صلاة ثابت، فوجب القول به، وأما تغليط الحفّاظ كما ادّعاه البيهقيّ، وغيره، أو دعوى النسخ كما ادّعاه الطحاويّ، فغير صحيح، بل الأولى والأحسن الجمع بين الأحاديث بحمل الأمر على الندب كما هو رأي الجمهور، والصارف له عن الوجوب صحة أمره - صلى الله عليه وسلم - لها بالوضوء لكلّ صلاة، وقد أشبعت البحث في المستحاضة في "شرح النسائيّ" (٤)، فراجعه تستفد علمًا جمًّا، والله تعالى


(١) فيه نظر؛ إذ لم يثبت أنها سمعت منه - صلى الله عليه وسلم -، فتنبّه.
(٢) راجع: "المحلّى" ٢/ ٢١١ - ٢١٣.
(٣) ١/ ٧٠ - ٨٦.
(٤) راجع: "المجتبى" ٤/ ١٦٣ - ١٦٧ و ١٧٨ - ١٨٤.