للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الذي مشى عليه شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله، وقد ذكرت تحقيقه في "التحفة المرضيّة"، و"شرحها"، فراجعه تستفد، والله تعالى أعلم.

(فَاسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي ذَلِكَ)، أي في شأن الاستحاضة، فقالت: إني أُستحاض، أفأدع الصلاة؟، (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ هَذِهِ)، أي الحالة التي أصابتك من استمرار الدم في غير أيام العادة (لَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ) تقدّم ضبطه بالفتح، والكسر (وَلَكِنَّ) بتشديد النون، وفي نسخة بتخفيفها (هَذَا) إنما ذكّره هنا، مع أنه أنّثه في السابق؛ نظرًا للخبر، وهو قوله: (عِرْقٌ)، أي دم عرق انفجر (فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي")، أي إذا مضى قدر أيام الحيض، فاغتسلي، وصلّي الصلاة، وفي الرواية الآتية من طريق عراك، عن عروة رحمه الله: "امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك، ثم اغتسلي، وصلّي"، قال النوويّ رحمه الله: في هذين اللفظين دليلٌ على وجوب الغسل على المستحاضة إذا انقضى زمن الحيض، وإن كان الدم جاريًا، وهذا مُجمع عليه، وقد قدّمنا بيانه. انتهى (١).

وقال القرطبيّ رحمه الله: قوله: "ولكن هذا عِرْقٌ، فاغتسلي" قد يَتمسّك به من يوجب الغسل على المستحاضة من حيث أمرها بالغسل، وعلّله بكونه دمَ عِرْق، وهذا لا حجة فيه؛ لما بُيِّن في الرواية الأخرى أن هذا الغسل إنما هو للحيضة، فإنه قال فيها: "امكُثي قدر ما كانت تحبسُك حيضتُك، ثم اغتسلي". انتهى (٢).

(قَالَتْ عَائِشَةُ) - رضي الله عنه -: (فَكَانَتْ)، أي أم حبيبة (تَغْتَسِلُ فِي مِرْكَنٍ) بكسر الميم، وفتح الكاف، وهو الإجّانة التي تُغسل فيها الثياب، قاله النوويّ، وفي "القاموس": "الْمِرْكن": بكسر الميم، كمِنْبَر: إناء معروف. انتهى. و"الإِجّانة": بكسر الهمزة، وتشديد الجيم: إناء تُغسل فيه الثياب، والجمع أَجَاجين، والإِنْجانة لغةٌ تمتنع الفُصحاء من استعمالها، أفاده الفيّوميّ (٣).

(فِي حُجْرَةِ أُخْتِهَا) متعلّق بـ "تغتسل"، و"الْحُجْرة" بضمّ، فسكون، وزانُ غُرْفة: البيت، والجمع حُجَر، وحُجُرَات، كغُرَفٍ وغُرُفَات (زْينَبَ بِنْتِ جَحْشٍ)


(١) "شرح النوويّ" ٤/ ٢٥.
(٢) "المفهم" ١/ ٥٩٣.
(٣) راجع: "المصباح المنير" ١/ ٦.